-
/ عربي / USD
العلمانية تقوم على ثنائية السلطتين الكنسية والزمنية، ولأنَّ العالم بعد الثورة الفرنسية بدأ رسميًا بفصل السلطتين الزمنية والكنسية حتى لم يعد اليوم هناك أي دولة في العالم تكافح في سبيل الفصل بينهما، فإن مصطلح العلمانية يجب أن ينتهي بانتهاء معطياته، ويصبح جزءًا من التاريخ، فالصراع اليوم لم يعد بين السلطة الدينية والسلطة الزمنية، وإنما الصراع اليوم بين الإنسان والدين نفسه. فإذا كان صراع السلطة قبل الثورة الفرنسية يقوم على ثنائية العلماني والثيوقراطي، فالصراع اليوم يقوم على ثنائية المتشرّع والخلقاني؛ أي الذي يؤمن بمرجعية الشرع والذي يرفض مرجعية الشرع ويرى مرجعية الخلق بديلاً عنها. وهذا التحوّل في الصراع كان أذانًا في الناس بدخول مرحلة "ما بعد العلمانية"، فأصبحت العلمانية بذلك تعبيرًا عن مرحلة تاريخية انتهت بكل معطياتها، وأصبحنا في مرحلة جديدة يكون طرف الصراع فيها الدين نفسه. واختلاف "أطراف" الصراع يقتضي اختلاف "عنوان" الصراع، ولذلك نقول إنه لا يوجد مسوّغ منطقي لاستعمال مصطلح العلمانية اليوم بعد أن غابت شروطه الموضوعية، وأمسى متعيّنًا أن يحل محله مصطلح "الخلقانية" الذي يعني حرفيًا المطالبة بحصر التشريع في الخلق دون الخالق
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد