-
/ عربي / USD
أحمد بن محمد بن حنبل هو من أكثر، أو من أهم؛ الشخصيات التاريخية في المجال الشرعي التي تستعيدها المجتمعات الإسلامية في عصرنا الراهن بدلًا من أن تذهب إليها! فتتعرف عليها من روح النصوص الثابتة نسبتها لها عبر قراءتها في سياقها. والسبب في ذلك يعود إلى موقع هذه الشخصية في التاريخ؛ إذ تتربع على قمة العلماء في الحالة السنية؛ حتى أصبحت معيارًا بين الحق والباطل، فبطبيعة الحال أن تحرص الانتماءات المذهبية السنية المتأخرة على ربط حالتها بشخصية على هذا القدر من السمعة الحسنة؛ فينشأ من هنا التخيل والوهم فيما يُنسب لمثل هذا النوع من الشخصيات من آراء لا تدل عليها روح النصوص المحفوظة عنها. إن إشكالية كثير من المشتغلين بالعلوم الشرعية اليوم هو عدم امتلاكهم الشجاعة المعرفية لإعادة دراسة هذه الشخصيات في ضوء سياقها التاريخي الذي تنتمي إليه، وطرح تساؤلات جادة عن العلاقة بينهم بوصفهم ينتمون لذوات مذهبية متأخرة الظهور، وبينها بوصفها موضع تلك النسبة المذهبية. وهل كل ما هو متقرر في حالتهم المذهبية هو حاضر في وعي هذه الشخصيات؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه نتاج تفاعلات تاريخية؛ وأن ما تقرر في مرحلة تالية لا يلزم أن يكون حاضرًا في مرحلة سابقة؟ وهل كانت هذه الحالة المذهبية المتأخرة أمينة على تعاليم هذه الشخصيات ووصاياها؟ أم خطت لها طريقة مستقلة؟ وهذا الكتاب الذي بين يدي القارئ هو دراسة موجزة لسيرة رجل أصبح إمامًا لإحدى مذاهب الفقه السنية، وهو مذهب الحنابلة؛ تناولت جوانب من حياته وعلومه. صحيح أن كاتبها لم يغص في البحث، كما أنه لم يرتب المصادر الموصلة إلى هذه الشخصية، في بعض القضايا؛ ترتيبًا منهجيًا؛ إلا أنها محاولة من طرف يقع خارج الأطراف المذهبية المتنازعة اليوم في تقديم قراءة تاريخية لهذه الشخصية الإسلامية «المقدسة»؛ فكان في هذا مسوغ لترجمة دراسته ووضعها بين يدي القارئ العربي؛ لعلها تلفت انتباهه إلى أهمية النظر من زوايا غير معهودة في مجتمعه عند دراسة هذه الشخصيات التاريخية التي أضفي عليها طابع التقديس؛ فحال ذلك بين فهمها كما أرادته هي لا كما تريده المجتمعات اللاحقة التي تنتمي لها.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد