ما كان عليَّ أن أتأخر كل هذا الوقت لإعداد تقريري بخصوص تلك الأيام القاتمة التي قضيتها هناك في مستشفى (الرشاد) للأمراض النفسية والعقلية خلال أيام العدوان الأمريكي على بلدي وشعبي في العراق، ولولا أنني كنت اشمئز من عودة الذاكرة إلى رماد الجنون، وكنت أفضّل أن يكون الجنون صامتاً...
ما كان عليَّ أن أتأخر كل هذا الوقت لإعداد تقريري بخصوص تلك الأيام القاتمة التي قضيتها هناك في مستشفى (الرشاد) للأمراض النفسية والعقلية خلال أيام العدوان الأمريكي على بلدي وشعبي في العراق، ولولا أنني كنت اشمئز من عودة الذاكرة إلى رماد الجنون، وكنت أفضّل أن يكون الجنون صامتاً والعقل وحده، وهو الثرثار الكبير، يثرثر، إلا أنني ما أن عدت ذات يوم بعد مضي ما يقارب سبع سنوات إلى هناك حتى فتحت ذاكرتي الضوء ولحست مشاعري المكان... كان العدم هو الذي خلع نعليه وأخذ يهرول في ردهات المستشفى في تلك الدار، التي تقبع في مساحة نائية في حدود بلدية - بغداد - هناك تلّة ترابية تقبع خلفها مقابر الأطفال ومقابر السيارات والأزبال ومعامل الطابوق.