بعد مناقشة مستفيضة لتعاريف التشرد وأنواعه، وتباين المواقف حياله، اختارت الباحثتان المزاوجة بين المدرستين الفكريتين الرئيستين المعنيتين بدراسة مُسببات التشرد، وهما "علم الأمراض الشخصية" و"المفاهيم البنائية"، وتمكنتا من تقديم نماذج "بيئية" لا تراعي ظروف الفرد حسب، بل...

بعد مناقشة مستفيضة لتعاريف التشرد وأنواعه، وتباين المواقف حياله، اختارت الباحثتان المزاوجة بين المدرستين الفكريتين الرئيستين المعنيتين بدراسة مُسببات التشرد، وهما "علم الأمراض الشخصية" و"المفاهيم البنائية"، وتمكنتا من تقديم نماذج "بيئية" لا تراعي ظروف الفرد حسب، بل السياقات المؤسساتية والتنظيمية والثقافية للفقر والتشرد.
إضافةً إلى ذلك، تحدث الباحثتان فحوى التعاريف الشائعة، وأكدتا على ضرورة فهم التشرد بوصفه ظرف مخاطرة لا مجرد غياب للمأوى، سواء تعلقت هذه المخاطرة بعائلةٍ تعيش في الشارع، أو مجموعة من الشباب يعيشون في منزلٍ مستأجرٍ متهالكٍ.
هذا النموذج المبني على المخاطرة دفع الباحثتين إلى البحث في جذور التشرد، ونسف بعض من الأساطير التقليدية عن المتشردين بوصفهم إما مرضى عقليين، وإما مدمني مخدِّرات، أو مجرمين.
تُلقي فصول الكتاب الضوء على خاصيتين فريدتين في المسعى الأنثروبولوجي تؤكدان أهميته في دراسة التشرد والتخفيف من حدته، هما اعتماده وجهة النظر المحلية، ونزوعه نحو وضع الممارسات والمعتقدات في السياقات الإجتماعية، والثقافية، والسياسية، والإقتصادية الأكبر التي يقع فيها التشرد منتقلاً في أثناء ذلك بين دول عدة لكلٍّ منها أسلوبها في التعامل مع المشكلة من مثل الولايات المتحدة، وكندا، والهند، وكولومبيا، وتشيلي، والمملكة المتحدة.