حالما أتممت قراءته، قلت لنفسي: مضى على نهارات وليالي كتابة رسائل/يوميات، السجن السياسي سلمان الصفواني، وهي المتن المركزي العام لسرديات كتابه (محكوميتي)، ما يربو على التسعين عاماً، رسائل أراد كاتبها أن يبعث بها إلى القراء/الجمهور، برغم أنها كانت في مستهل كل رسالة موجهة الى...
حالما أتممت قراءته، قلت لنفسي: مضى على نهارات وليالي كتابة رسائل/يوميات، السجن السياسي سلمان الصفواني، وهي المتن المركزي العام لسرديات كتابه (محكوميتي)، ما يربو على التسعين عاماً، رسائل أراد كاتبها أن يبعث بها إلى القراء/الجمهور، برغم أنها كانت في مستهل كل رسالة موجهة الى زوجته. وبما أنها كانت خطاباً لسانياً موجهاً إلى جمهورٍعام، يستثيره في قضايا حياته، ومستقبل بلده، وهو على أعتاب سنواته الأُول في بناء مؤسسات دولته المدينية تحت رقابة سياسة الإنتداب البريطاني، وما رافق ذلك من أحداث وصراعات سياسية عاصفة، يمكننا أن نعد محمولات – رسائل/يوميات- الكتاب، ذاكرة سردية لواقع الأحداث والأمكنة والشخصيات التي عاصرها الصفواني نفسه، الذي لم يكتفِ في معظم يومياته بالسجن مكاناً لمضامين رسائله، مثلما لم يتقيد بزمن كتابة أية رسالة منها، بمعنى أنه كان غالباً ما يعبر حدود «زمكانية” السجن ليضمِّنَ رسائله/يومياته أحداثاً وصراعات، ومواقف أخلاقية واجتماعية، وشخصيات من الحياة الطليقة خارج قاعات وغرف وأسوار السجن، ولهذا لم تنطوِ معظم خطاباته السردية المرسلة بخطِّ يده على الذاتي الشخصي، ولا على البوحي النفسي الخاص.