ما بين الشالجية في بغداد حيث شخصية زعوري المجنون الذي يخاطب حبيبته التي تسكن القمر، وحي إيلينغ في لندن حيث البارات والمطاعم والمحلات المتنوعة تكتب الممثلة العراقية الكبيرة روناك شوقي سيرتها الحافلة بالأحداث الكبيرة عن الدراسة في موسكو، عن المسرح، عن الثورات، عن الانتكاسات، عن المدن، عن الحب.
ترسم الكاتبة الشخصيات المُبهرة التي تتعرَّف عليها بطريقة ساحرة، وتقدِّمها لنا بكل حيويتها وهي نابضة بالحياة، ثريّة بالوجوه والكتب والمسرحيات حيث تتحرك الراوية على مسرح الحياة كما تتحرك على خشبة المسرح، فتروي لنا تاريخاً حافلاً بالمدن: موسكو، بطرسبورغ، دمشق، برشلونة، لندن، بغداد.
إنه نص ثري بتجارب قاسية وأخرى عاطفية، بأحداث عاصفة ولكن بروح متروية، رغبات متفجرة وأخرى مقموعة، وفي النهاية تطرح هذا السؤال الأبدي: ما هو مصير الفنان، حين يعيش ممزقاً بين الغربة والوطن.
لقد اختارت روناك شوقي أسلوبها في الكتابة على طريقة المسرح بنوع من المنولوج الداخلي والموجَّه إلى صديق بلا اسم، فأتت نصوصها على شكل رسائل متعاقبة، مكتوبة بلحظة بوح نادرة، وبلغة شفافة مقطوفة من أرض الواقع.