-
/ عربي / USD
الديمقراطية لا تستقيم ولا تتكامل وتتعافى، من دون إطلاق الحريات العامة التي يكفلها الدستور، ومنها حرية الأحزاب والاعتصام والتظاهر، وعدم تقييد ممارستها بكثرة من الشروط والطلبات. ولا يقلل من الحق بهذه الممارسات، وجود قوى مضادة للنظام الديمقراطي القائم أو عناصر مشاغبة وتخريبية تتسلل إلى أي فعالية سياسية أو اجتماعية بهدف إجهاضها وتخريبها.
وليس غريباً أن تتعامل القيادات السياسية كل من موقعها، بالقلق من الممارسات الديمقراطية أو العمل على توظيفها والانخراط فيها، خصوصاً في ظروف الأزمات أو الصراعات العلنية أو الخفية على السلطة السياسة… لكن الغريب أن يغيب عن أذهان هذه القيادات، أن هذا التحرك الاحتجاجي، في جوهره، هو تفعيل وتنشيط لتعزيز العملية السياسية الديمقراطية، والدفاع عن أركانها وتكريس أسسها.
فالمواطنون بمثل هذه التحركات الاحتجاجية السلمية يتصدون للدفاع عن حقوقهم والمطالبة بكشف المقصرين والمفسدين وتجريدهم من مسؤولياتهم وتحديد الأولويات الملزمة للسلطة السياسية ومفاصلها المختلفة في المحافظات وفي كل ركن وزاوية من البلاد، وبهذه التحركات والمبادرات الشعبية يتم تنبيه القادة والمسؤولين بمختلف مواقعهم ومراتبهم أنهم هم (أي المواطنين) قاعدة النظام الديمقراطي ومرجعيته الشرعية. وعلى السلطة الرضوخ لإرادتهم وما تعكسه من مطالب.
إن عشرات العقود من تعاقب الدكتاتوريات والسلطات المستبدة، حالت دون إطلاق الطاقات الخلاقة للشعب… وهو يسعى الآن لاستعادة المبادرة، واكتشاف مكامن قوته وتأثيره، والعمل على المساهمة بتمكين نظامه الديمقراطي من استكمال شروط بنائه، وتشذيبه من التشوهات التي ألحقها به الفساد وبقايا الدكتاتورية والمحاصصة، وما أقحمه فيها، وهي في طور التكوين، الحاكم المدني للاحتلال الأمريكي بريمر. إن الشعب يستطيع عبر ممارساته التعرف على جوانب القوة والخلل في نشاطه، وكلما تعافى من مكامن ضعفه بسرعة، يكون بإمكانه تأكيد مرجعيته باعتباره مصدراً لكل السلطات.
لقد أثار شعبنا إعجاب العالم وهو يعبر عن إرادته من خلال الانتخابات والاستفتاء على الدستور، وهو يواجه الإرهاب والعنف والقتل على الهوية.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد