تعنى هذه الدراسة بمصطلح التكثيف وحضوره في الشعر العربي على مر الزمن، منذ الجاهلية وحتى أيامنا، موضحة معناه، ومظهرة الفروقات بينه وبين مصطلحات أدبية أخرى، كما تبين أهميته وعلاقته بالمعنى أو المعاني المرادة من النص، وتبحث عن الآليات التي يستند إليها، والتي تقرر، بحضورها، نسبته في نص معين.
تقترح الدراسة طريقة لحساب نسبة التكثيف، وتوضح كيفية تطبيقها على عدد من النصوص الشعرية من فترات مختلفة. يُوضّح خلال ذلك، أن التوصل إلى معادلة حسابية لرصد نسبة التكثيف في النصوص الشعرية، ينبع من تعريف مصطلح التكثيف الذي يركن إلى مصطلحات كمية في الأساس، وأن الهدف هو جعل النتائج ملموسة قابلة للمقارنة ضمن النصوص التي يقرؤها قارئ واحد معين بشكل ذاتي. تعمل النظرية على قياس نسبة التكثيف النصي وفقا للقراءة الذاتية للمتلقي، وهذا يعني أن الناتج يتفاوت بين قارئ وآخر وفقا للتداعيات التي راودته أثناء وبعد القراءة، ووفقا للروابط المعنوية التي جعلت من التأويل سقفا دلاليا متماسك الطوب أي أن تأويل المعنى ليس عشوائيا، إنما يجتمع ضمن معاني ترتبط ببعضها البعض مما يجعل المعنى منطقياً متماسكا.
إضافة إلى ذلك، تهدف الدراسة إلى استخلاص العوامل التي تقوي أو تضعف حضور التكثيف في النص الشعري، عبر دراسة مقارنة لعدة محاور بين النصوص الشعرية المختارة للفصل التطبيقي، بعد استخلاص نسبة التكثيف في كل منها.
لهذا، تبحث الدراسة بعد التنظير والتطبيق عن علاقة التكثيف بكل من المحاور التالية: تقدم الزمن، طول النص المتمثل بعدد الكلمات الالتزام بالقافية مقابل التحرر منها، تعدّد المواضيع مقابل أحادية الموضوع وعلاقة مضمون القصيدة بمدى التكثيف فيها. في النهاية، يتوصل إلى استنتاجات تتعلق بعلاقة التكثيف بجودة نص معين.