-
/ عربي / USD
ساد بعدها صمتٌ آخر، صمتٌ تحوّل سكوناً لم يدنّس حرمته سوى حشرجة النار وهي تلتهم الخطب في المدخل، سكونٌ حبس الأنفاس في الصدور، فتذكّرت سكون ليلة العهد الّذي يتمادى ويتمادى إلى أن يتكلم فيه سكون آخر أعظم شأناً يسري فيه صوتٌ مريب كلحنٍ عصيّ، بل هو لحنٌ شجيّ يستدرج فيغلب، ليسطو على كلّ شيء، إلى أن انتهكه صوتً المبعوث برطانته التي تولى نقلها الترجمان: "لا أدري لماذا لا تحكمّون في حقّنا حسن النيّة فترون في مقترحنا تكفيراً عمّا فعله بكم أسلافنا في الماضي، فلا تنظروا إلاّ بعين الشكّ إلى كل ما نبادر به، لأنّ الحرب الأخيرة علّمتنا ما معنى أن نحتكم إلى سِلم صار في حياتنا منذ اليوم حلماً؟".
عاد الصمت يهيمن، ولكنّه لم يطل هذه المرّة حتّى يستعير خصال السكون الّذي يتكلّم فيه لسان المجهول، لأنّ العمائم تقاربت مرّةً أخرى لينطق الصوت بلسان القوم: "من حقّنا أن نشك في نواياكم، لأنّنا جرّبنا أنّنا ما صدّقناكم يوماً واحتكمنا معكم لعهودٍ قطعناها على أنفسنا، إلاّ وختتم العهد فغدرتهم بنا!"...
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد