-
/ عربي / USD
حالما رأيتُ كونسويلا كاستيللو أثارتْ بسلوكها لديّ إعجاباً هائلاً. كانت تعرف قيمة جسدها، وتعرف نفسها. كانت تعرف أيضاً أنّها لا تتلاءم مع عالم الثقافة الذي أعيشُ فيه –كانت الثقافة تُبهرها ولكن ليس كشيءٍ يحيا المرء به. وانضمَّتْ إلى الحفلة– كنتُ قبل ذلك قد شعرت بالقلق من ألّا تأتي –وانبسطتْ معي هناك للمرّة الأولى. ولمّا لم أتيقّن من مدى رصانتها وحذرها، حرصتُ على ألّا أُظهِر أي اهتمام خاصّ بها في أثناء الاجتماع في قاعة الدرس أو خلال المناسبتين اللتين التقينا بهما في غرفة مكتبي لكي أراجع أوراقها. وخلال تلك اللقاءات الخاصّة، كانت فقط مكبوتة وتتصرَّف باحترام، وتُدوِّن كل كلمة أنطقها، مهما كانت تافهة. وفي غرفة مكتبي كانت تدخل وتخرج وهي ترتدي السترة المُفصّلة فوق بلوزتها. وفي المرة الأولى التي أتت لكي تقابلني– وجلسنا خلالها جنباً إلى جنب على مقعد الدرس، كما ينبغي، والباب مفتوح على مصراعيه على الرواق العام، وأطرافنا الثمانية، وجذعانا المتباينان ظاهران لكل مُتلصِّص مارّ (والنافذة مفتوحة أيضًاً، فتحتها بنفسي، واسعاً، خوفاً من تأثير عِطرها) –كانت المرّة الأولى التي ترتدي فيها بنطلوناً رماديّاً أنيقاً ذا طيّة في أسفله من الفانيلا، وفي المرة الثانية، ارتدتْ تنورة سوداء من الصوف، وبنطلوناً أسود ضيّقاً، لكنها كما تفعل ونحن في غرفة الدرس، كانت دائماً ترتدي البلوزة، بلوزة من الحرير بلون أحد تدرّجات الكريم محلولة الأزرار حتى الزر الثالث إلى الأسفل على بشرتها الناصعة البياض. أما في الحفلة فخلعت السترة بعد شرب كأس واحدة من النبيذ وكانت تبتسم لي بوقاحة وهي بلا سترة، ابتسامة صريحة غاوية. كان يفصل بيننا بضع بوصات ونحن في غرفة مكتبي أُريها مخطوطاً لكافكا من ممتلكاتي– ثلاث صفحات مكتوبة بخط يد كافكا، هي خطاب ألقاه في حفلٍ أُقيم بمناسبة تقاعد رئيس مكتب الضمان حيث كان يعمل، وهذا المخطوط الذي يعود تاريخه إلى عام 1910 هو هديّة من امرأة ثريّة متزوّجة في الثلاثين من العمر كانت قبل ذلك ببضع سنوات طالبة – وعشيقة.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد