في البدء، كنتُ، مثل الكثيرين من بينكم، قطّة هادئة تعيش في منزلها الهادئ، في عالمٍ هادئ، تتوالى فيه الأيام دون مفاجآت. كنتُ أجد طعامي الخاصّ في الصباح موضوعاً في قصعتي الخاصّة بالطعام (وكنتُ أفضّل من بينها تلك الأطعمة المحضّرة من لحم الدجاج المدخّن والمضافة إليها نكهة الأعشاب المجفّفة المستجلبة من إقليم بروفانس)، وكذلك أجد حليباً (وهو طبيعي، مع نسبة 20% من المواد الدسمة) في كوبي الخاصّ بالشراب، وتبقى درجة الحرارة في أجهزة التدفئة على درجة مستقرّة وثابتة، وهي الدرجة 21 مئوية، ولديّ محفّة لمخالبي، ووسادة من المخمل الأحمر، بل وحتى كمية من نعناع الهرّ الحقيقي للحظات جنوني. في لحظة ما، ومن أجل تسليتي، قُدِّم إليّ ذكرٌ من فصيلة الأنغورا أبيض اللون له عينان خضراوان، ويُدعى فيليكس. ولكنّه أُصيب بالاكتئاب بعد استئصال خصيتيه ووضعهما في وعاءٍ، وازداد وزنه باستمرار وهو يتناوب على النظر إلى خصيتيه اللتين خسرهما تارةً وشاشة التلفزيون تارةً أخرى – مع تفضيله لمشاهدة مباريات كرة القدم.
كانت خادمتي تُدعى (ولا تزال تُدعى) ناتالي. ربّما لم أوضّح لكم بعد أنّ خادمتي كانت كائناً بشرياً. هل تعرفون البشر؟ لا بدّ أنّكم قد رأيتم أو لمحتم بعض البشر. البشر... هيا لنتحدّث عنهم، وأنتم تعرفون جيّداً: تلك الكائنات الثنائية الأقدام التي لا فراء لها، ولها فقط أجمة شعرٍ في قمّة جمجمتها.
كانت لخادمتي عينان خضراوان (مثلي أنا، ولكن لونهما أغمق قليلاً)، وشعرٌ طويلٌ أسود اللون، ذو لمعانٍ، تضمّه غالباً برباطٍ أحمر اللون. كانت في الحقيقة صغيرة الحجم مقارنة بحجم البشر بشكلٍ عام، وترتدي غالباً بلوزةً بيضاء اللون وبنطال جينز أزرق اللون. أظافرها مطلية باللون الأحمر، تغطّي شفتيها بمادة دهنية لامعة من لون طلاء الأظافر نفسه. أعتقد أنّ اختيار هذا اللون له علاقة بالدم. حسب المعايير البشرية، لا بدّ أنّ هذه مسألة جمالية.