هذه دراسة شاملة لنص رحلي نادر إلى البرازيل ينتمي إلى أواسط القرن التاسع عشر، ويوثق يوميات الرحالة عبد الرحمن بن عبد الله البغدادي الدمشقي الذي أبحر ما بين آسيا وأميركا، على متن سفينة تنتمي إلى الأسطول البحري العثماني، ووصل إلى ميناء الريو دي جانيرو في 1866، وأمضى في البرازيل زهاء ثلاث سنوات، ليعود بعدها إلى اسطانبول مروراً بإسبانيا وعبر محطات رحلية أخرى سنة 1871، وبدون وقائع رحلته البرازيلية تحت عنوان "مسلية الغريب في كل أمر عجيب".
اعتمدت الدراسة على منهجين: أحدهما خارجي تاريخي مقارن، والآخرُ داخليّ بنياني لساني، واستندت إلى عدد كبير من الأبحاث السابقة، وعلى طائفة كبيرة من الوثائق بلغات متعددة، عثرت عليها في أرشيفات ومكتبات وطنية تركية وبريطانية ولبنانية وسورية وهولندية. خلصت الدراسة إلى تأريخ سياق النص فعرضت الأوضاع العامة في القرن التاسع عشر في الدولتين المرسلة والمستقبلة، وسيرة حياة المؤلّف، ورحلتيه المفترضة والفعلية، وأماطت اللثام عن رحلة أخرى له إلى الهند 1876-1877م، وكشفت الدراسة عن شخصيته شاعراً، ورسمت بدقة مخطط رحلة السفينتين "بورصة" و"إزمير من القسطنطينية إلى الربو، ومهماتهما، وقارنت بين نسخ المخطوط والنسخ المنشورة منه باللغات العربية والتركية العثمانية والتركية الحديثة، وبينت الاختلافات والدلالات.
وقد طاولت الدراسة أدبية النص: فناقشت جنسه الأدبي الهجين المتمثل في أدب الرحلة من خلال عرض موضوعاته، وتقنياته السردية، وأبرزت مظاهر الخلخلة اللغوية اللصيقة بأدب الرحلة المكتوب في القرن التاسع عشر من الناحيتين المعجمية والتركيبية، واستعرضت النواحي البلاغية والعروضية والصوتية والصرفية، وبدائل المؤلّف لعلامات الترقيم. وقد نالت الباحثة عن تحقيق الرحلة ودراستها بامتياز جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة