-
/ عربي / USD
لأكثر من مئتي سنة هيمن المشروع الحضاري المادي الغربي الحديث، معلناً نفسه المشروع الوحيد والأمثل والأكثر تقدماً للبشرية، ونتج عنه المجتمع العلماني الحديث والدولة الليبرالية الحديثة والاقتصاد الرأسمالي، ولكن الأهم من ذلك كله هو الأسس التي تبناها المشروع، معتمداً على مبادئ الطبيعانية الفلسفية في الرؤية الكونية والعلمانوية في المنظومة الاجتماعية والنفعية في المنظومة القيمية.
وفي مسيرته تلك اعتمد المنهجية العلمية في التعامل مع الصعوبات والنقد، ما جعله مرناً وقادراً على تصحيح المسارات وتطوير النظريات المختلفة، وتخطّي الكثير من الأزمات الوجودية في الأبعاد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
وقد ساهمت غلبة الدول الغربية العسكرية والاقتصادية وهيمنتها الاستعمارية في تعميم هذا النموذج الحضاري، هذا بالإضافة إلى الطبيعة العالمية (universal) التي خص نفسه بها، ما مهد الطريق لتطبيقه في جميع المجتمعات ذات الثقافات المختلفة.
ومع إضافة الإنجازات العلمية والتكنولوجية التي تحققت تحت ظله، والتشابك في المصالح لدى أصحاب النفوذ السياسي والاقتصادي والإعلامي، الذي لاءمهم تماماً هذا النموذج، بحيث تم تجيير الوسائل المختلفة لإظهار حسناته ولإخفاء سيئاته ولصناعة التاريخ بما يدعم عقيدةً تقول بانه أفضل ما يمكن تحقيقه وأنه نهاية التاريخ، ومع غياب المشروع العالمي (universal) المنافس، وتحول المشاريع الأخرى إلى موقع الدفاع أوالتقوقع في مجتمعات مغلقة. كل ذلك أدى إلى التسليم شبه الكامل للنخب الفكرية والعلمية في المجتمعات المختلفة لهيمنة هذا النموذج والبحث عن الحلول لمشاكل مجتمعاتهم الفرعية والكلية على أساس مسلمات هذا النموذج الحضاري المادي الحديث، وهو أمر يحتاج إلى إعادة القراءة والبحث. لكن الواقع يبين لنا أن التسليم للنموذج الغربي كحلّ ناجح لإدارة حياتنا ومجتمعاتنا قرار غير سديد، ويدفعنا للبحث عن الحل في مكان آخر، تبنت هذه الدراسة الحل القائل بأن العودة للرؤية.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد