-
/ عربي / USD
غاية هذا الكتاب أن يُرفع الساتر بين القضاء والإعلام؛ إذ من الحتميّ أن نُلِمَّ بأسلوب القضاء والقانون في اعتماده الإعلام والتواصل... كيف يستخدمه؟ متى؟ لماذا؟ هل هو في محاكاة مع أدوات العصر وتكنولوجيّاته؟ كيف يبرّر القضاء مقولته "لا أحد مبرّرٌ له أن يجهل القوانين"، إذا هو لم يعتمد التواصل والإعلام والإعلان كي يجعل كلّ الناس على علم ومن دون جهل بهذه القوانين؟ كيف "للمغفَّلين" أن يَحموا أنفسهم من "الغفلة" في غياب إعلام وتواصل وإعلان؟
على هذا المبدأ، واحترامًا للقاعدة الإعرابيّة التي لا تمنع لقاء الساكن بالمتحرّك، ولأنّ الإعلام حركة، والقضاء سكون: آن الأوان ليتفاعل القضاء مع الإعلام، والقانون مع التواصل، والمحاكم مع وسائل التكنولوجيا والاتصالات.
لقاء السلطة الثالثة أو القضاء مع السلطة الرابعة أي الإعلام والتواصل، هو لقاءٌ حتميّ حتّى لو تعمّد القضاء أن يبقيه مكتومًا وسرّيًا، لكنّ المنطق كما مبدأ التطوّر يؤكدان حتميّة هذا اللقاء، والتصاق الإعلام والتواصل مع أداء القضاء وحكم القانون.
ثمّة خيط فاصل بين حصافة القضاء وحصانته، وبين وقاحة الإعلام وانتشار التواصل الكوني، فيما يَسعى هذا الكتاب للإسهام في تحديد لون هذا الخيط الرفيع والدقيق، كما سيشدّ من وتره كي لا يُقطع، بقدر ما يعزف العلاقة العضويّة بين السلطتَيْن: القضائيّة والإعلاميّة.
ما زالت الصحافة منذ عصر "دريفوس" وعبر "أنا أتّهم" (J’accuse: Emile Zola) تؤثّر على القضاء، وما زال القانون يحكم على الإعلام بالمسموح والممنوع ويشرّع له ويحدّد ضوابطه. وما دام لا يحقّ للنائب في الديموقراطيّات المتطوّرة أن يجمع الوزارة مع النيابة احترامًا وتطبيقًا لمبدأ فصل السلطات، بينما لا مانع جوهريًّا يحول دون أن يؤلّف القاضي كتبًا وينشر بتوقيعه مقالات لا تناقض واجباته القضائيّة، وله حتمًا حقّ حريّة التعبير، ها هي السلطة الأولى أي التشريعيّة "ساكنٌ" ومثلها السلطة الثانية أي التنفيذيّة، فلا بأس من تطبيق قاعدة "منعًا لالتقاء الساكنَيْن"؛ بينما من الثابت أيضًا أنّ الإعلام "مُتحرّكٌ" والقضاء ساكن؛ إذاً لقاؤهما هو طبيعيّ وواجب.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد