-
/ عربي / USD
من مرّ يوماً في القدس يتوق أبداً إلى العودة إليها، ومن لا يعرفها يحلم بزيارتها، ومن يحتلّها يُخفق في إمتلاكها، ولعلّ المقدسيّين هم أدرى الناس بسطوة القدس على سكّانها، وزائريها، ومستعمريها، فهم يعيشون فيها على إختلاف الأزمنة، يحبّون ويرغبون، ينجحون ويخسرون، يُقاومون ويُعتقلون، يُنجبون ويموتون، وتبقى الحياة سارية في شوارع المدينة وأسواقها، في أزقّتها وبين جدرانها، وكأنّما جراحها هي الباعثة للحياة.
يلتقط "محمود شقير" نور هذه الحياة المستمرّة رغم كلّ شيء، ويعكسه في مجموعات من القصص القصيرة جدّاً، وهي مجموعات متداخلة في شخصيّاتها وأزمنتها وأمكنتها، كتداخل الألوان في لوحة إنطباعية، فيكتشف القارئ مشهداً محسوساً للقدس، ويدخل في حميميّة الشخصيّات، وفي قلب المدينة، يرغب فيها ولا يرغب عنها، فإذا به مدمنٌ القدس من خلال سرد كاتبها، وأسلوبه التلميحي، ونبرته الهادئة، ونظرته الساخرة أحياناً والثاقبة دوماً.
كما هي الحال مع "القدس وحدها هناك" (مؤسسة نوفل، 2010)، يصعب على القارئ التحرّر من "مدينة الخسارات والرغبة" أو نسيانها، فمن قرأ يوماً "محمود شقير" يتوق دائماً إلى العودة إليه.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد