كان يا ما كان، ليس في قديم الزمان، مدينة وادعة تغفو على كتف شاطئ، وتَسَعُ أحلام سكّانها. في ناري الكوسموبوليتيّة، يعيش المسيحيّ والمسلم واليهوديّ بسلام، يشربون من النبع عينِه، ويتأمَّلون المغيب ذاته. صبيًّا، شهد الراوي عصر المدينة الذهبيّ الذي جسّده فندق مهرجان – قبلة...
كان يا ما كان، ليس في قديم الزمان، مدينة وادعة تغفو على كتف شاطئ، وتَسَعُ أحلام سكّانها. في ناري الكوسموبوليتيّة، يعيش المسيحيّ والمسلم واليهوديّ بسلام، يشربون من النبع عينِه، ويتأمَّلون المغيب ذاته. صبيًّا، شهد الراوي عصر المدينة الذهبيّ الذي جسّده فندق مهرجان – قبلة ناري ولؤلؤتها – بإدارة اليهوديَّين حاييم ليفي-حنّور وزوجته الفاتنة نيسا. الزمن المخمليّ، قصص النزلاء و«حواديت» الموظَّفين، غموض العوالم الممنوعة خلف أسوار الطبقة الراقية، بريق لياليها... لكنّ الأمور لا تؤخذ بمظاهرها، في مدنٍ ملعونة بالأسماء والصفات والأصل والفصل. كان على ذلك البركان الخامد أن ينفجر ذات يوم. فنسيم البحر الذي كان يداعب ستائر مهرجان المذهَّبة سرعان ما استحال عاصفةً اقتلعت اليهوديّ ومن بعده الأرمنيّ والمسيحيّ، كما لَوَت رقبة كلّ عاشق تجرَّأ وتَبِع قلبه إلى داخل أسوار الفندق. شهد الراوي كلّ ذلك، وبقيت أحلامه معلّقة بحبّة لؤلؤ صغيرة هي كلّ ما تبقّى لديه من جنَّته المفقودة. تلك التي لا تلبث أن تعود إليه وتعيده إليها كلّما ابتعد. تلك التي سيلحق كلّ خيط يقوده إليها. تلك التي ربّما كانت صرحًا من خيالٍ وهوى...