-
/ عربي / USD
"ومع ذلك، فعندما يصدف أن أبصر في الحلم طبيعة طفولتي، تتراءى أمام ناظري صخرة أخرى تلوح كمقعد جليل، متقعّر، كأنه اهترأ في موقع المؤخرة، بمسنده الشاهق والمستقيم المنسدل على الجانبين كالمرفق-وهي الصخرة الوحيدة التي تحمل، على ما أظن، اسم رجل، صخرة طانيوس، لطالما تأملت ذلك العرش الحجري ولم أجرؤ على ملامسته. ليس خوفاً من الخطر؛ ففي الضيعة، كانت الصخور مرتع لَهوِنا المفضل، بل كان تطيراً وعهداً انتزعه مني جدي، قبل أشهر على وفاته. "كل الصخور إلا تلك الصخرة"... كنت أعلم أن طانيوس أحد الأسماء العامية الكثيرة لأنطوان... أدين لجبرايل بكون إيماني ترسخ في مرحلة مبكرة للغاية بأن طانيوس كان كائناً من لحم ودم، بغض النظر عن كونه أسطورة، ثم حصلت على الدلائل لاحقاً... إذ أسعفني الحظ فتسنى لي أخيراً الحصول على مخطوطات أصلية... مخطوطتان لشخصين عرفا طانيوس عن كثب، وثالثة... صاحبها رجل دين... حين وقع بين يدي ذلك المؤلف الأخضر الغلاف... رحت أتصفح ذلك الوحش بطرف أصابعي، بطرف عيني، فإذا بتلك السطور تبرز أمام ناظري.. "حوال الرابع من تشرين الثاني 1840، تاريخ الاختفاء الغامض لطانيوس الكشك... بالرغم من أنه كان يملك كل ما يتمناه المرء في الحياة. فقد فكيت عقدة ماضيه وذللت الصعاب التي تعترض دروب الغد... لا يعقل أن يكون قد غادر الضيعة بملء إرادته. والجميع على يقين بأن لعنة ما ترتبط بالصخرة التي تحمل اسمه" وعلى الفور لم تعد الصفحات الأولى مستغلقة عليّ، ورحت أنظر إلى المخطوط نظرة مغايرة كأنه دليل، أو رفيق، أو ربما مطية. وصار بوسع رحلتي أن تبدأ".
حين ألهب اللغز خيال أمين معلوف، تحّمس يراعه، وأفلت من عقاله، منطلقاً في رحلة روائية مشوّقة يعبر من خلالها مدائن الزمن والتاريخ، يقتنص منها ساردة ويغتنم منها حدثاً لينقله خياله مترعاً بإبداعات تطال الأسلوب وتطال اللغة والمعاني والحروف التي تحلّق في سماء الإبداع الروائي لتشي بأنه ما زال دائماً في الأفق متسع لعطاءات إنسانية، متجددة وخلاقة دائماً وأبداً.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد