ـ لقد قصدتُ أنْ أعلِّمك كيف تملكين إرادتك فتكونين حرَّة. فإذا بي أتعلَّمُ منك الكثير! ـ مني أنا؟ أجابها وقد اغتسلتْ عيناه بنشوةٍ انبعثت من روعة كلماتها: ـ نعم منكِ أنتِ، أيتها القدّيسة التي صقل الوجع والعذاب روحها، فجعلها برقّة الورد وشفافية النسيم. نعم لقد تعلمّتُ منك كيف...
ـ لقد قصدتُ أنْ أعلِّمك كيف تملكين إرادتك فتكونين حرَّة. فإذا بي أتعلَّمُ منك الكثير! ـ مني أنا؟ أجابها وقد اغتسلتْ عيناه بنشوةٍ انبعثت من روعة كلماتها: ـ نعم منكِ أنتِ، أيتها القدّيسة التي صقل الوجع والعذاب روحها، فجعلها برقّة الورد وشفافية النسيم. نعم لقد تعلمّتُ منك كيف أكون حراً، وكيف أختار…! -وهل اخترت؟ ـ نعم، لقد أخترتكِ أنتِ بعد أنْ اختارك لي القدر، فأنت السفينةُ، وأنا القبطان، وقدري أنْ أبحر بسفينتك إلى برِّ الأمان..! ـ وماذا ترجو من مكافأة بعد أن ترسو السفينة؟ ـ مكافأتي أنْ أُمسك بين يدي، راحتيك الشبيهتين ببراعم الياسمين، مطوِّقاً جيدك بعقود من أزاهير الحقول، وأن أغمُرَ أناملك بخضابٍ أحمرَ من أزاهير شقائق النعمان، ماسحاً بقبلاتي ما قد يعلق بهما من ذرات الغبار. قال كلامه، وهو يمدُّ يده إلى أديم الأرض فيقطفَ بضعة زهرات من "السكوكع"، و"شقائق النعمان"، مقترباً منها ليزيِّن جيدها، ثم ليغمرها بذراعيه ويقطف من خدها قبلة شهيَّة. فتراجعتْ حنان بخجل وبعفوية صادقة، والتزمت الصمت، فقد قامتْ وجنتاها اللتان اصطبغتا بحمرة الخفر بالجواب عنها.