جدل الثقافة والترجمة تستحثه التحولات الدرامية في نظريات الثقافة والترجمة في القرن العشرين. فالقوى الثقافية قد مارست تأثيراتها في تغيير مسارات الترجمة والنقد الأدبي على حد سواء. الترجمة لم تعد جرماً صغيراً في مجرة اللسانيات رغم أن الترجمة تنوجد في الدرس اللساني وبه تتخلق،...
جدل الثقافة والترجمة تستحثه التحولات الدرامية في نظريات الثقافة والترجمة في القرن العشرين. فالقوى الثقافية قد مارست تأثيراتها في تغيير مسارات الترجمة والنقد الأدبي على حد سواء. الترجمة لم تعد جرماً صغيراً في مجرة اللسانيات رغم أن الترجمة تنوجد في الدرس اللساني وبه تتخلق، بل هي في الدراسات الثقافية تواصل ثقافي عابر بين اللغات والثقافات. وبهذا تكتسب الترجمة أهميتها لا بوصفها ممارسة نقل المكافئ من اللغة المصدر إلى اللغة المستهدفة ولا بكونها لهواً بقصد الإمتاع والمؤانسة تخضع دوماً لذائقة المترجم الذاتية وانطباعاته، إنما هي الوسيط الواصل بين الثقافات واللغات المتباعدة. لذا، فإن كل عصور الوعي والارتقاء في حيوات الأمم إنما تبدأ بالترجمات. هذه الأوراق – كما تفترض عنونة الكتاب – محاولة جادة لإدراك العلاقة بين الثقافة والترجمة في عالم متعدد اللغات والثقافات مثلما هو متعدد الأجناس والأعراق والأديان. هذا المراس الترجمي ليس باللهو العبثي بل هو تحري المسائل الجادة في التواصل الإنساني والثقافة الإنسانية. فبالرغم من كل الإشكاليات التي تعترض جهد المترجم في النقل تظل الترجمة إحدى الإسهامات الكبرى للوعي البشري من أجل تعارف الشعوب والأمم.. الأوراق تَجِدُ في إدراك منظومة العلاقات بين (الترجمة/ اللسانيات) و(الترجمة / النقد) و(الترجمة/ قصيدة النثر) مثلما هي رصد للعلاقة بين (الترجمة/ عملية الترجمة) وربط هذه العلاقات بسياسات المترجم وما ينتج عنها من التعبير والتأثير. الأوراق تطرح الرؤى وتغامر، فالمغامرة أصل الكشف ولولا مغامرات الوعي الأول التي قدمت لنا الأساطير لظل الإنسان يعيش حياة البدائية الأولى. هي أوراق في الترجمة ولكنها أوراق في المساءلة والكشف وأوراق في التفكير النقدي تحاول تبيين العلاقة بين الأنماط الثقافية وأنماط المعنى.