عمل بحثي يعكف على مقاربة علمية وازنة تُعنى بمفاعيل حرب العام 2006 إسرائيلياً؛ تتحرّى الاجابات، تطرح الأسئلة، وتثير الإشكاليات، دون أن تقطع مع المباحث ذات الصلة، ودون أن تتلبس لبوس تلك العلمية المزعومة الباردة التي تدّعي الحياد السلبي، من حيث أنها تحرص على نقل الخبر جافاً،...
عمل بحثي يعكف على مقاربة علمية وازنة تُعنى بمفاعيل حرب العام 2006 إسرائيلياً؛ تتحرّى الاجابات، تطرح الأسئلة، وتثير الإشكاليات، دون أن تقطع مع المباحث ذات الصلة، ودون أن تتلبس لبوس تلك العلمية المزعومة الباردة التي تدّعي الحياد السلبي، من حيث أنها تحرص على نقل الخبر جافاً، وتقف على المسافة عينها بين القاتل والقتيل، فالكتاب بلا شك منحاز للحق الذي تمثله مشروعية مقاومة الاحتلال. والكتاب يلحّ على تناول الوقائع والأحداث، ومقاربتها دونما غلو أو جنوح، كما تقديمها مدعمة بالشواهد الدالة، والنظر إليها بعين النقد والفحص، وتشفيف مغاليقها دونما مسبقات أو قبليات حاكمة، علّ ذلك ينشر إضاءة حول ما تكشفت عنه الحرب، من تفريج حاد لحال التورم الذي طالما شغلها الإسرائيلي، حيث كان يفصح عن نفسه على نحو من المبالغة في حجمه ودوره، كما في حدود قوته. فقد نفّست الحرب هذا الانتفاخ المصطنع، وأخذت بالإسرائيلي إلى تصاغر وتقزّم في الدور والقوة، ما تأدى إلى إعادة ترسيم لصورة الأخير حيال نفسه، وإلى وعيه بحدود قوته وقدراته، بعد انكشاف مظلته الأمنية التي ظللته في حروبه. كما تأدى الأمر إلى إعادة تظهير لصورته أيضاً، ولكن حيال العرب، وهي بالضرورة خلاف الصورة التي تنمطت في وعيهم خلال عقود من الصراع. فلقد طال وهج الانتصار الذاكرة العربية، فأحياها، وبعثها من رمادها، وصيّرها ذاكرة متّقدة بفتوحها وانتصاراتها.