-
/ عربي / USD
أعتقد أن ابن أبي جمهور وجد في إيران المناخ الذي ناسبه عملياً وفكرياً بحيث آثر البقاء هناك لما وجد المجال مفتوحاً أمامه والحاجة إليه ماسة.
ومن المرجح أنه استفاد كثيراً من الفكر الصوفي الرائج في الساحة لإغناء رؤاه الفلسفية والكلامية الأمر الذي جعله يتأوه على خلو الحوزات العلمية من الذوق العرفاني، وافتقار ديار التشيع إلى الحماس للمعرفة، فأراد أن يبث روحاً جديدة في العقيدة يمزجها بما يجعلها تجاوبة مع روح العصر، مصبوبة في قالب جديد مشوّق دون أن يخل هذا التعديل بالأسس والأصول، مع علمه أن في الجنوح الصوفي مزالق وأي مزالق...!.
لذلك صمّم على الخوض فيها مع الحذر ومحاولة التصحيح، يقول في كتابه المجلي:
(تصفحت الأحوال الواقعة من الماضين من العلماء الراسخين وأهل السلوك من الحكماء والمتصوفين فوجدت طريقهم واحداً ومسلكهم قاصداً... فجعلتهم لي أدلّاء أمشي بهم في هذه المزالق، واتبع آثارهم في فتح أبواب هذه المغالق، فلما قعد بعد الحظ عن مجالستهم وتأخر بي الزمان عن مشاهدتهم انتجعت حصائد زراعاتهم والتقطت ما تتأثر من حبات تبادر حالاتهم..).
وقد كان رائده في هذا التصدي العرفاني والخوض في لجج الفكر المتصوف تحري الصواب المحمدي والتماس الطريقة التي (كان عليها الأخيار، وكان بها وصولهم إلى مقامات الأبرار، والإقتداء بسير الأولياء الكبار من الأئمة الأطهار).
إنها أجواء الحرية التي رافقت ابن أبي جمهور في كل مراحل حياته وفي كل أرض وطئها ففي مسقط رأسه تنعم بنسيم الحرية وفي العراق استقرت الأمور بعد السنوات الثلاث الأولى لهجرته حيث عادت أجواء الحرية والإنطلاق من جديد.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد