أردنا أن نخلّد ذكرهذا العاقوري الماروني اللبناني منذ اربعئمة سنة وننفض الغبار الذي تراكم على شخصيته. ولعلّ هذا أفضل ما نفتتح به هذا الكتاب هو ما جاء على لسان يشوع بن سيراخ: "فاستمرارية وجودنا في هذه البقعة من العالم، رهن بأمانتنا لتراثنا الوطني والكنسي المقدّس، فالدول تزول...
أردنا أن نخلّد ذكرهذا العاقوري الماروني اللبناني منذ اربعئمة سنة وننفض الغبار الذي تراكم على شخصيته. ولعلّ هذا أفضل ما نفتتح به هذا الكتاب هو ما جاء على لسان يشوع بن سيراخ: "فاستمرارية وجودنا في هذه البقعة من العالم، رهن بأمانتنا لتراثنا الوطني والكنسي المقدّس، فالدول تزول والاحتلالات تزول، أمّا التاريخ والتراث فيتحدّيان العصور. التراث هو الرأسمال الوحيد الذي لا يزول، فحذار النسيان. أنظروا إلى وادي نهر الكلب، لقد زال الغزاة وبقي لبنان هو هو". لنردّد مع يشوع بن سيراخ: "لنمدح الرجال النجباء آباءنا الذين ولدنا منهم. فيهم أنشأ الرب مجداً كثيراً، وأبدى عظمته منذ الدهر. وقد كانوا ذوي سلطان في ممالكهم، رجال اسم وبأس، مؤتمرين بفطنتهم ناطقين بالنبوءات، آئمّة الشعب بمشوراتهم وبفهم كتب أمّتهم. قد ضمّنوا تأديبهم أقوال الحكمة، وبحثوا في ألحان الغناء، وأنشدوا قصائد الكتاب. هم رجال غنى واقتدار، ناشرو سلامة في بيوتهم، أولئك كلهم نالوا مجداً في أجيالهم، وكانت أيامهم أيام فقر. فمنهم من خلّفوا اسماً يخبر بمدائحهم، ومنهم من لا ذكر لهم وقد هلكوا كأنهم لم يكونوا قطّ، وولدوا كأنهم لم يولدوا هم وبنوهم بعدهم. أمّا أولئك فهم رجال رحمة وبرّهم لا يُنسى. الميراث الصالح يدوم مع ذريّتهم، وأعقابهم يبقون على المواعيد. تثبت ذريتهم وبنوهم لأجلهم. إلى الأبد تدوم ذريّتهم ولا يُمحى مجدهم. أجسامهم دفنت بالسلام، وأسماؤهم تحيا مدى الأجيال. الشعوب تحدّث بحكمتهم، والجماعة تخبر بمدحتهم.