أيضاً، أولئك الذين يعرفون تاريخها. لقد دأبت وسائل الإعلام الغربية على وصفها بالدكتاتورية الممسوخة والمنتمية إلى «محور الشر». هذه البلاد التي هي ملتقى الحضارات المصرية والفارسية واليونانية والرومانية والبيزنطية والتركية ظلت على مدى نحو ثلاثين سنة تحت إدارة فرنسية. وتبقى...
أيضاً، أولئك الذين يعرفون تاريخها. لقد دأبت وسائل الإعلام الغربية على وصفها بالدكتاتورية الممسوخة والمنتمية إلى «محور الشر». هذه البلاد التي هي ملتقى الحضارات المصرية والفارسية واليونانية والرومانية والبيزنطية والتركية ظلت على مدى نحو ثلاثين سنة تحت إدارة فرنسية. وتبقى سوريا أيضاً مهداً للمسيحية، يعيش فيها اليوم نحو مليوني مسيحي يمارسون شعائرهم الدينية بحرية تامة؛ فهذه البلاد هي في الواقع إحدى الدول العربية العلمانية النادرة التي تضمن لكل مواطنيها رجالاً ونساءً، وأياً تكن طائفتهم، المساواة في دخول الوظائف العامة والخاصة. إن الصورة التي يرسمها هذا الكتاب لسوريا اليوم، والتي جاءت ثمرة جهد استمرّ عدة سنوات من المعاينة على الأرض والاستناد إلى مصادر غير معروفة من قبل، وإلى أحاديث حصرية مع شهود أساسيين، من بينهم الرئيس بشار الأسد، تقدّم إضاءة فريدة من نوعها على الوضع الراهن في الشرق الأدنى اليوم. فمنذ ولادة القومية العربية وقيام إسرائيل، وصولاً إلى «الإرث الملغوم» الذي خلّفه حافظ الأسد، وتداعيات سقوط بغداد سنة 2003، يكشف لنا المؤلفان، أيضاً، كيف أن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري سهّل محاولة الإطاحة بالنظام السوري، وكيف أسهمت «الحرب العالمية على الإرهاب» في تفاقم الفوضى العالمية. ومع ذلك، عادت سوريا بلا أدنى شك إلى ما كانت عليه كبلد محوري في الشرقين الأدنى والأوسط، ولقد آن الأوان لكي نحسن معرفتنا بها.