… فاسودّت الدنيا بوجهي وشعرت بالخوف والهلع. لكني سرعات ما عدت وقلت لنفسي: المهم ما تتدمر بيروت وشو ما صار فيِّ يصير …فجأة عادوا ركابي يسكّوا فتمسكت بلوح خشب التتخيتة الذي كان مثبتاً من جانبي حائطي الغرفة، وحملت جسدي بيد والسماعة بيد، ثم رفعت رجليَّ عن الأرض، مما ساعدني على...
… فاسودّت الدنيا بوجهي وشعرت بالخوف والهلع. لكني سرعات ما عدت وقلت لنفسي: المهم ما تتدمر بيروت وشو ما صار فيِّ يصير …فجأة عادوا ركابي يسكّوا فتمسكت بلوح خشب التتخيتة الذي كان مثبتاً من جانبي حائطي الغرفة، وحملت جسدي بيد والسماعة بيد، ثم رفعت رجليَّ عن الأرض، مما ساعدني على قول ما كنت أريد قوله وأنا في حالة هلع معلّق بلوح الخشب. وبعد أن سكتت للحظة، سألتني إذا كان هناك كلام آخر أريد أن أقوله؟ فأجبتها بكلمة: لا، وعدت وشكرتها متمنياً السلام للبنان ولأميركا وكررت قولي كي لا يسمعوا كلام مستر كيسنجر، وأقفلت الخط واضعاً السماعة مكانها، ثم هرولت إلى الشغل وأنا بحالة شبه جنونية شاعراً بأن حياتي قد أصبحت في خطر، كما أن لوح الخشب قد تخلّع! … وحين أقلعت الطائرة شعرت وما زلت بالندم الشديد لأني لم أفِ بوعدي وأتصل بجمانة عندما قررت العودة إلى بيروت.