"وتعود صورُها الأخيرة وهي تضع حقيبتها أرضاً، وقد عنّ لها أن تدخل إلى الحمّام. غسلت وجهها تماماً لئلّا تبدو له مستعظمةً الخبر. ثمّ عادت وارتدت سترتها التي كانت ملقاة على السرير. ويستعيد كيف نظرت إليه وهو يطفىء سيجارته، منشغل البال، ذاهلاً عن نفسه. ولم يكن، على ما بدا لها، قد...
"وتعود صورُها الأخيرة وهي تضع حقيبتها أرضاً، وقد عنّ لها أن تدخل إلى الحمّام. غسلت وجهها تماماً لئلّا تبدو له مستعظمةً الخبر. ثمّ عادت وارتدت سترتها التي كانت ملقاة على السرير. ويستعيد كيف نظرت إليه وهو يطفىء سيجارته، منشغل البال، ذاهلاً عن نفسه. ولم يكن، على ما بدا لها، قد امتصّ نأماتها وأصواتها حتّى الإشباع. ويذكر أخيراً أنه رفع رأسه، شالها بناظريه، من وراء النظّارتين الخمريّتين، وقدّر تمامًا الموضع الذي انتهت إليه قدماها المتماسكتان، وسط قاعة الجلوس، بالضبط، من حيث اندفق أوّل حديث طويل بينهما، ومن حيث انطلق أول سهام الليل القتّالة.." (قصة إيكار) د.أنطوان أبو زيد، كاتب لبناني وشاعر وأكاديمي.