يضعنا الروائي سليم الشيخلي في عباءاته المحترقة أمام لحظة إنسانية فارقة، يشتبك فيها الواقعي بالسردي، التراجيدي بالكوميديا السوداء، القلق اليومي بالوجع الوطني، تلك التي تصنعها حيوات مسكونة بالفجيعة، لجوجة بأحلامها ومصائرها.. الرواية سيرة الكائن الباحث عن وجوده، إذ تحمل...
يضعنا الروائي سليم الشيخلي في عباءاته المحترقة أمام لحظة إنسانية فارقة، يشتبك فيها الواقعي بالسردي، التراجيدي بالكوميديا السوداء، القلق اليومي بالوجع الوطني، تلك التي تصنعها حيوات مسكونة بالفجيعة، لجوجة بأحلامها ومصائرها.. الرواية سيرة الكائن الباحث عن وجوده، إذ تحمل المرأة رعبها الوجودي لتضع هذه السيرة بمواجهة العالم الموحش والمتوحش، العالم المشوه، الذي يجعلها أمام مصير مشوه تنكسر فيها الذات الانسانية ويغيب فيه المكان الانساني، إذ تتحول هذه الرواية إلى سردية فادحة للبطلة الأم، وهي تمارس صناعتها المضادة للوجود والحياة… العنوان/ العتبة يتحول في اشتغالات سليم الشيخلي إلى موجّه لمجرى الحكاية، يشير بدلالته بين الواقع وموت هذا الواقع، إذ تطلق البطلة مراثي الحكاية، عبر رحلتها الاغترابية المكتظة برعب المكان وانهياراته، وغربة الزمن بوصفه سيمياء وجودها المنتهك، والباحث عن لحظة آمنة ترتفع إلى مستوى المجاز بحرية لاتعرف طعمها. كما يأخدنا المتن الروائي عبر لغته الشفيفة، ومنظوره السردي القائم على التوليف الصوتي، إلى لعبة الكشف المركبة، حيث متاهة المكان، والكائن، وحيث تفاصيل رعب الانسان المسكون بهواجس مغامرته وكشوفاته، وعبر إحساسه الاكراهي بنوع من اللانتماء إلى الذات والمكان والآخر، إذ تتحول فكرة الانتماء إلى مفارقة مرعبة، تتشوه عندها صورة المكان الغائم والحبيب الغائب، مثلما يتحول الانسان ذاتهِ/ البطلة إلى صورة شائهة لأدويسيوس آخر يسحب عذاباته وأحلامه وانتظاراته بحثاً عن أمكنة تتسع لقدميه اللاهثتين ولوجوده المهدد دائماً بالطرد والاحتراق… علي حسن الفواز