… إن خريج النجف هذا لم يقف في دراسته النجفية عند المقرر بل تعداه إلى ما هو أشمل، معتمداً على قدراته في استيعاب الثقافات المتنوعة، من خلال دراسته الشخصية لكل أنواع المعرفة، حيث تتجلى في كتاباته شمولية المعرفة بالفلسفات القديمة والحديثة التي اكتشفها باكراً في النجف، من خلال...
… إن خريج النجف هذا لم يقف في دراسته النجفية عند المقرر بل تعداه إلى ما هو أشمل، معتمداً على قدراته في استيعاب الثقافات المتنوعة، من خلال دراسته الشخصية لكل أنواع المعرفة، حيث تتجلى في كتاباته شمولية المعرفة بالفلسفات القديمة والحديثة التي اكتشفها باكراً في النجف، من خلال الترجمات التي لم تكن تتداولها الأيدي، بل كان كثير من الطلبة يتستَّر في مطالعته لها، خشية الملامة مما هو سائد آنئذ في النيل من الفلسفة ونعتها بعلم الكفر واتهام دارسيها بالهرطقة وضعف التدين، من قِبَل عامة المشتغلين بالعلم والمهتمين بالحوزة من بعض المدرّسين والطلبة، ونتج عن هذا الولع بالأعمال الفكرية شبه (المحرمة)، رغبة عارمة في اكتشاف الفكر الإسلامي الآخر، فتتبّع ذلك الشيخ موسى عبر إخوان الصفا، والتوحيدي، والكندي، والفارابي وآخرهم ابن رشد، مما طبع نتاجه لاحقاً وكتابته بالرغبة في تحريك الثابت والمروي من تاريخ الإسلام إلى عالم متحرَّك متوثب نحو التعامل مع كل جديد، يؤدي إليه المنطق الحر والرأي السليم. … ولقد داوم على حثّ الأجيال الجديدة على مزاولة حقهم في توجيه الأسئلة في أمور دينهم، لكل مَنْ يتوسمون فيه المعرفة مِنْ رجال الدين، وطلبهم الأجوبة ليأخذوا فقط بما يتفق مع العقل، حيث يخاطب رجال الدين والشباب على حد سواء بقوله: "سيستولي اللُّبس أحياناً في تفسير بعض النصوص الدينية سواء في الكتاب أم السنّة، وما يتصل بخصوص الأنبياء والإمامة، وهذه علاجها أن نجعل العقل حكماً في تفسير ما غمض، وشرح ما أَعضل من متشابهات، كما هو المرجع عند أهل العدل والاعتزال". (من المقدمة)