…فلفقتُ حكاية خيالية ورويتها لبنات عمتي على أني زرت أختهن العروس واستقبلتني استقبالاً حافلاً وملأت يدي تمراً ورقاقاً!.. وفتحت لي صندوقها وأرتني اللطائف التي أهداها لها عريسها الذي عاد من المهجر توّاً.. ونقلن الحكاية لأمهن بعد أن استحلفنني فحلفت لهنّ بكل يمين غليظة؛...
…فلفقتُ حكاية خيالية ورويتها لبنات عمتي على أني زرت أختهن العروس واستقبلتني استقبالاً حافلاً وملأت يدي تمراً ورقاقاً!.. وفتحت لي صندوقها وأرتني اللطائف التي أهداها لها عريسها الذي عاد من المهجر توّاً.. ونقلن الحكاية لأمهن بعد أن استحلفنني فحلفت لهنّ بكل يمين غليظة؛ فاستدعتني عمتي لتسمع عني الرواية؛ ورددت على مسمعها في تلعثم بيّن ما كنت لفقته تلفيقاً وقصصته على بناتها، وسألتني بعض الأسئلة عن ملبسها وعن أشياء نسيتها؛ ولا شك أنها استنتجت تلفيقي وتهيؤاتي؛ ولكنها لحسن حظي تجاهلت تلفيقي وسايرتني في خيالي ولم تفضحني.. على أن الحكاية صارت من النوادر المتداولة بعد ذلك.. وفي هذه الأيام الأولى من التحاقي بالجامع زارنا أحد أهل الفتوّة الذي يعتبر نفسه الصنديد الذي لا يغلب في المصارعات التي تنشأ من حين لآخر في المشتى بين طالبي الفتوة.. وكان شديد الاعتداد بنفسه.. طلب مني أن أذهب إلى أقرب بيت من الجامع لآتيه بالماء كي يروي غليله؛ فرفضت مدعياً خوفي من الكلاب وأنا في الحقيقة لا أخاف من الكلاب قدر تهيبي وخجلي من العباد!.. وإذ تفاجأ برفضي وهو المستأسد الهائج هوى على خدي بصفعة مدوية وكان اعتداءً سافراً لا مبرر له؛ خصوصاً وقد كان في الجامع أطفال هم من سكان البيوت القريبة؛ وكان يمكن أن يكلفهم هم بتلبية مطلبه دون أن يعتدي عليّ في غطرسة.. وربما كان صفعه هذا عقاباً لي على جبني وخجلي وقلة إقدامي.. وربما قد رمى من وراء ذلك أن يعلمني الشجاعة والإقدام؛ لكني لم أدرك ذلك الغرض البعيد حينئذ وشعرت فقط بألم الصفعة وبالظلم غير المبرر..