إن تجاهل الوحش القابع في داخل كل منا، أو محاولة إلغائه جملة وتفصيلاً، يستحضر الوحش، ويوفر له أسباب التوحش. إن محاولات استئصاله من جذوره من “طبيعة الإنسان” واعتباره شيئاً زائداً يمكن التخلص منه، باءت بالفشل، فلا الأديان في الماضي والحاضر، ولا الأخلاق قديمها وحديثها نجحت...
إن تجاهل الوحش القابع في داخل كل منا، أو محاولة إلغائه جملة وتفصيلاً، يستحضر الوحش، ويوفر له أسباب التوحش. إن محاولات استئصاله من جذوره من “طبيعة الإنسان” واعتباره شيئاً زائداً يمكن التخلص منه، باءت بالفشل، فلا الأديان في الماضي والحاضر، ولا الأخلاق قديمها وحديثها نجحت في دحره. إن وجوده ضارب في عمق الوجود، ضروري لوجود الوجود، وبدونه يستحيل تصور الوجود. وعليه فإذا كان وجوده واجب الوجود، فإن جُلَّ ما يمكن أن يُعمل، ينحصر في تضييق رقعته، وحصر أذاه في أضيق نطاق ممكن وذلك أولاً: بالاعتراف به مكوناً من مكونات الإنسان لا شيئاً عابراً نجم عن الخطيئة في زمن معين، ومرحلة محددة في التاريخ، وبالتالي يمكن أن نهزمه في الزمن الآتي، ونعيش إلى الأبد في ملل وضجر الإقامة في الجنة. ثانياً: بإقامة المجتمع العادل المنظم. ثالثاً: باعتماد تربية تتقن المزاوجة بين الذات والإنسانية، من دون إغفال صعوبة تطبيق: “ما لله لله وما لقيصر لقيصر”، أو تجاهل معضلة أين تنتهي الذات، وأين تبدأ الإنسانية. أخيراً: إن وجودنا صدفة، ورحيلنا صدفة، لا يعفينا أن نلوي عنق الصدفة وأن نجعل منها إقامة لائقة، وأن تكون لدينا الشجاعة على الوعد والتوقع لتخفيف وطأة العبث، ورفض الموت السهل والحياة المجانية.