في البدء دعني أقلْ لك، بعد قراءتك لهذه المذكرات، أنه لا بد أن تتساءل لماذا هذه آخر الصفحات… ذلك لأنني أعتقد أنه هنا بالذات ستكون نهايتي. هنا حيث الحرب مستعرة، علقتُ في خط النار، ومازلنا تحت الحصار منذ شهر تقريباً، هنا دوّنت هذه السطور. إنها حربٌ مجنونة لا يوجد أية إشارة على...
في البدء دعني أقلْ لك، بعد قراءتك لهذه المذكرات، أنه لا بد أن تتساءل لماذا هذه آخر الصفحات… ذلك لأنني أعتقد أنه هنا بالذات ستكون نهايتي. هنا حيث الحرب مستعرة، علقتُ في خط النار، ومازلنا تحت الحصار منذ شهر تقريباً، هنا دوّنت هذه السطور. إنها حربٌ مجنونة لا يوجد أية إشارة على دنو نهايتها ولا أي بارقة أمل في الأفق تدل على توقف قريب لها. ومازلت لا أعلم إن كنت سأخرج منها حياً، وقد لا تنجو مذكراتي هي الأخرى، لكني سأخبئها في مكان أمين، وإن كنت تقرأ الآن ما أقوله لك فهذا يعني أنك أنت من وجدها، وأول من قرأ هذه الكلمات. إذا كنت تتساءل من أكون أنا وما هو اسمي… لا تسأل! فليس هناك أي وقت متبق لكي أشرح لك ذلك وأخبرك عن هويتي. على أي حال فإن معرفة هويتي لن يغير شيئاً من الحقائق التي قرأتها أنت للتو، ولا من العبر التي ربما تكون قد تعلمتها من معرفتك ما حصل في زماني. لذلك ببساطة ادعُني “بالرّواي” فقط، وهذا كافٍ. فأنا لا أعرفك ولا أعرف في أي عام أنت الآن ولا أعلم ما هو حال العالم في زمانك، لكني آمل أن تكون قد فهمت بعد أن انتهيت من قراءة المذكرات لماذا هممتُ أنا في بادئ الأمر لتدوين هذه الأحداث. وتأكد أن هذا الكتاب لا شكّ فيه، فما من كلمة أو حرف ذُكر هنا إلا وقد حصل بالفعل. أقول لك: رجاء لا تفرّط بها!! قد تكون هذه المذكرات عن سقوط عالمنا أيها القارئ… آخرَ فرصة لنجاة العالم الذي تعيش فيه أنت الآن.