تحت إلحاح الرغبة في فهم سائر استعمالات مصطلح “اليسار” واكتناه أسرار انبثاقه وتشكله تياراً فلسفياً سياسياً تغييرياً عابراً للأفكار والأمكنة والتاريخ، ودوره في تصنيف الرؤى السياسيّة، في المجتمعات التي يطغى فيها مفهوم “المواطنة” على الانتماءات الأولية تصنيفاً واقعياً...
تحت إلحاح الرغبة في فهم سائر استعمالات مصطلح “اليسار” واكتناه أسرار انبثاقه وتشكله تياراً فلسفياً سياسياً تغييرياً عابراً للأفكار والأمكنة والتاريخ، ودوره في تصنيف الرؤى السياسيّة، في المجتمعات التي يطغى فيها مفهوم “المواطنة” على الانتماءات الأولية تصنيفاً واقعياً مبرماً بين “اليمين” و”اليسار”، حاولنا رسم شروط ولادة هذا الفكر، النظريّة والعينية وتطوره، سعياً لفهم قوامه وجوهره، وتوفير جملة من أدوات التحليل لقراءة الواقع ونقده، والسعي إلى التأثير فيه. لم نكتف بالتنزه البحثي المعرفي في ردهات التاريخ، بل اخترنا تحليل بعض المقولات اليسارية على ضوء ما نشهد ونختبر ونعاني ونحلم ونشتهي. من وحي هذه الجولة الفكرية انطلقنا لنرسم صورة افتراضية لليساري المعاصر، الذي يتمثل المفاهيم والمقولات اليسارية، ولا يتردد في تفكيكها وإعادة ترتيبها، مستلهماً من مخزونها ما يعينه على قراءة الوقائع والمتغيّرات، متجرأً على مناقشة أدوات تحليله وتكييفها مع الموضوعات قيد التحليل والسبر، والاستعانة، بالروحية ذاتها، بأخرى، تفي بالغرض. افترضنا مجموعة من الأسئلة التي تراوده والتي نراها جوهرية، دون أن تكون الوحيدة، والتي قد تعني كل فرد مهموم بالشؤون العامة، وبقضايا العدالة والتقدم. كما افترضنا، ولأنه مجبول بالسؤال والجدل والقلق، ومحكوم بالأمل والثقة بالمستقبل وبالإنسان، أن “اليساري المعاصر”، ينفر من الانغلاق والتحجر والإقامة بين دفتَيْ كتاب، بل إنه مهجوس ببناء رؤيته استناداً إلى الواقع المتحول والنابض، دون المساومة على الحقيقة.