…جلسْتُ على كرسيٍّ أمام طاولة الطعام، مسنداً جبيني إلى قبضتي يديَّ وأنا أفكر في ما يمكن أن تؤول علي الأيام من ضجر وملل وألم وخوف، بعد تقاعدي من الوظيفة التي قضيت فيها أربعين سنة من عمري . «سنة حلوة يا جميل، سنة حلوة يا جميل ……» هكذا دخلت زوجتي مع أولادي وأحفادي في تلك...
…جلسْتُ على كرسيٍّ أمام طاولة الطعام، مسنداً جبيني إلى قبضتي يديَّ وأنا أفكر في ما يمكن أن تؤول علي الأيام من ضجر وملل وألم وخوف، بعد تقاعدي من الوظيفة التي قضيت فيها أربعين سنة من عمري . «سنة حلوة يا جميل، سنة حلوة يا جميل ……» هكذا دخلت زوجتي مع أولادي وأحفادي في تلك اللحظة، وهم يحملون قالب الحلوى المزيّن بالرقم أربعة وستين، ومغروس في نصفه شمعة كانت تتمايل شعلتها في كل الاتجاهات، خلتها تململاً جراء حالتي، وتحاول الإفلات من غارسيها، وكأنها الوحيدة التي شعرت بما أنا فيه. وبنفخة صغيرة مني انطفأت الشعلة وعلا التصفيق احتفالاً بعيد ميلادي، ومن ثم بدأت كاميرات الهواتف المحمولة تأخذ لي الصور، وأنا شادق فمي، واهماً إياهم بأنني مبتسم مع أنني أبكي بالطريقة نفسها.