إنَّ اللغة تتحمّل قسطاً من المسؤولية، باعتبارها درجت تاريخيّاً على حمل المعنى الفلسفيّ وإدراجه في التداول، على نحوٍ لا يمكن أن نتخيّل معه فلسفة بلا كلمة. فمثلما يستحيل كتابة شعرٍ رقميٍ، ومثلما لا نستطيع أن نتخيّل رياضيات شاعرية أيضاً، لا يمكن أبداً أن نتصوّر فلسفة بلا...
إنَّ اللغة تتحمّل قسطاً من المسؤولية، باعتبارها درجت تاريخيّاً على حمل المعنى الفلسفيّ وإدراجه في التداول، على نحوٍ لا يمكن أن نتخيّل معه فلسفة بلا كلمة. فمثلما يستحيل كتابة شعرٍ رقميٍ، ومثلما لا نستطيع أن نتخيّل رياضيات شاعرية أيضاً، لا يمكن أبداً أن نتصوّر فلسفة بلا كلمات، تنطوي بدورها على سيمياء معنىً غير محسوم ولا متفق عليه، فينشأ بمؤدى تنوّع الدلالات، سوء فهمٍ ضروري، يشكّل شرطاً تأسيسيّاً لتكوين فلسفة، يتناظر فيها المفكرون حول قضايا عدّة، على خلفيّة إحقاق العدل، وبَنِيّة استجلاب السعادة للناس. فبعد أن اتخذت اللغة طابعاً أنطولوجياً، ارتقى وجودها إلى مصاف ميتافيزيقيّة، لا نقول من خلالها… إنما هي من يقوّلنا عبارات، لها كينونة منفصلة عنّا، بقدر ما تتّصل بوجودنا على نحوٍ، يغدو فيه للإله وجود كلاميّ راسخ في التصوّر الذي تستفزه الكلمة. فعندما تتحوّل الكلمة إلى جسر عبورٍ لتبديل المعنى، من الطبيعي أن يستشعر أفلاطون وأرسطو فكرة الموت، انطلاقاً من وجودهما في زمنٍ له حيثيات، لا تمتّ بصلة إلى ما صار عليه وقع الموت في يومنا هذا، بعد أن صار متّصلاً بالراحة من هذه الأبديّة المملّة، مع انعدام أفق الإجابة عن أسئلة حياتنا الصعبة، ومع انعدام جاذبية العيش السعيد في الدعوة إلى مصالحة الإنسان مع نقصانه.