إنها مزيج فريد بين القصة بمفهومها العام وبين السيرة بموضوعها الخاص. هي قصة مهاجر لبناني إلى إلمانيا عام 1959. من النادر أن يخلوَ بلد في العالم من مواطن لبناني، لذا تكتسب هذه الرواية مشروعية الخوض بها، إذ أن السيرة المروية ليست خاصة ببطلها دون غيره، لذلك نجد من أحداثها ما ينفعل...
إنها مزيج فريد بين القصة بمفهومها العام وبين السيرة بموضوعها الخاص. هي قصة مهاجر لبناني إلى إلمانيا عام 1959. من النادر أن يخلوَ بلد في العالم من مواطن لبناني، لذا تكتسب هذه الرواية مشروعية الخوض بها، إذ أن السيرة المروية ليست خاصة ببطلها دون غيره، لذلك نجد من أحداثها ما ينفعل في مسيرة هذا المغترب المهاجر أو ذاك. رواية من دون هدف وازن، ربما تكون ممتعة ومسلية للقارىء لكنها لا تترك أثرًا في بنيانه الفكري ولا تضيف شيئًا في هيكل معارفه. هدف هذه الرواية، وهو ميزتها وبيت قصيدها، انها تلقي الضوء على العنصرية التي تواجه بطلها في جديد مجتمعه وإسرته الألمانية، وتتطال زواج “المساكنة” العلني في أوروبا؛ فهم لا يخجلون مما يفعلون، وتتوقف عند الزويجات المُتخفِّية في بلادنا (العرفي والمتعة والمسيار..) فنحن نخجل مما نفعله تحت الطاولة. وتمر الرواية على الصراع الخفي بين العرب والصهاينة، فالصهاينة يحاولون، أنى استطاعوا، إفشال كل ناجح من بلد عربي حتى وإنْ لم يكن مهتممًّا بالصراع العربي اليهودي. وللرواية أهداف أخرى، قد تكون أقل أهمية تبدو واضحة، كالتذكير بسوء بعض عادات الشرق وبمأثورات ذات دلالة عقلانية، تأتي من غير تطفُّلٍ وتبدو الحاجة إليها طبيعية في سياق المتن كجزء لا بد منه لإثبات أمرٍ ما.. كل ذلك يتم إخراجه بإسلوب أدبي مشوِّق، بحيث تفيض الكلمة بما يختزن قائلها من أحاسيس ومشاعر، في إطار قصة مهاجرشاب رفعه حُسن تدبيره وحنكته في اختراع نهايات سعيدة لأزماته، واستبدال سلبيات آلامه بإيجابيات، ومقارعة سيف العنصرية بمختلف أشكالها،.. إلى أنْ حاصره القدر المكتوب. يبقى القول إنها “رواية/سيرة” كنتُ شاهدًا على أحداثها وتواريخها، فهي حقيقية وواقعية بنسبة كبيرة، وما الزيادات إلا من باب ضروريات الفن الروائي، واستبدلتُ معظم الأسماء الحقيقية بأسماءٍ من عندياتي.. أملا أن تلقى الاستحسان لدى القرَّاء والعاملين في النقد الأدبي.