هذا الكتاب في السيرة الذاتية للمؤلف تراه يقدم فيه وصفاً دقيقاً لحياته حيث نرى فيه بصمات الذاكرة الحيّة ونظرات الأستاذ الجامعي الذي يعتبر أن التعليم تعليم وتعلُّم من المهد إلى اللحد، فهو لا يهمل تفصيلاً لا بل يحييه بأسلوبه الشيّق، السلس بما يجعلك تحيا معه منتظراً المزيد من هذه الذكريات الحلوة للزمن الماضي الجميل. إنه سجلٌ لغوي لحضارة لبنانية جبليّة يعرفها جميع ساكني الجبل مهما تعدّدت طوائفهم ومذاهبهم، إنها المشاركة الحضاريّة اللبنانية نرى فيه اليوك، والقاورما والكوارة والدكاكيش والستينة والقيطانة والكلل والأسكملا والحوّارة والنورج والمزاري والذراوة والبربريس والوجاق والخلقين والزلعا والكرنيب والمدّ. إنه سردٌ يحمل الوصف في حناياه، دقيق موضوعي شامل وذاتي يجعلك تعيش لحظات حياة المؤلف من طفولته حتى يومه الحالي في تسلسل متقن، ينساب برفق يدفعك دفعاً لمتابعة قراءته وهو مطعمٌ بأبيات شعرية موزونة ومقفّاة تشكل دليلاً على ثقافة المؤلّف وعلى إيمانه بهذا التواصل الوجداني بين الشعر والموزون والمقفّى وبين النثر المرسل المنطلق على سجيّة المؤلف.