-
/ عربي / USD
"يقال إنه يلزم عام كامل للشفاء من آلام الحب، ويقال أيضاً الكثير من الأشياء تجعل الحقيقة تضمحلّ في النهاية.
«آلام الحب مثل المرض، لها علاقة بوظائف الأعضاء، وعى الجسم أن يستعيد عافيته ».
«يوماً ما، لن تذكري سوى اللحظات الجميلة» (أسخف شيء سمعته).
«سوف تخرجين منها أكثر قوة».
«تقولين إنك لن تحبّي مرة أخرى أبداً، ولكن سوف ترين ».
«تستعيد الحياة دائماً حقها في الحياة ».
إلخ...
كانت تصلها تلك العبارات، فتغمرها وتهدهدها. وللحقيقة،
كانت تحتاج إلى كل هذا الهذر في مرحلة نقاهتها، وإلى كل تلك
الألسنة التي تدمدم حولها بما هو تعاطف وجداني وشمولي وعملي،
كانت تشكّل بالنسبة إليها سريراً من ورق الشجر تُلقي عليه جسدها
البائس. غ ري أنها كانت تتوق أحياناً إلى الصمت المطبق، إلى حلقة
من المقرّبين تجلس في وسطهم كي ينظروا إليها ويسمعوها دون أن
يتفوّهوا بأية كلمة."
عندما نتحدث عن الحب في فرنسا، يحضر دائماً اسم الكاتب المسرحي الشهير راسين في غير مناسبة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالحزن أو الهجر. المذكور راسين وليس كورناي. والناس يلفظون أبياته حتى من دون فهمها، من قبيل التعاطف والمشاعر المشتركة، ولغة تقرّب في ما بينهم. يمثل راسين التراث كله، لكن عندما نستمع إليه، فإنه يبدو، كما أنه سرّ، يلفه الكثير من الغموض. وتحوم ظلال حول هذا الرخام الأبيض والكلاسيكي. أرادت ناتالي أزولاي الذهاب لاستشفاف ما في الأمر عن كثب. وراحت تتصور حباً معاصراً، طيتس وبيرينيس اليوم، حيث تعاني بيرينيس الحزن والهجر وتسعى إلى التخفيف من ألمها بالعودة إلى المصدر، بيرينيس راسين، بل إلى ما بعدها، أي راسين نفسه، حياته، تناقضاته، ولغتهتريد بيرينيس ناتالي أزولاي أن يُفهم كيف أن رجلاً من بيئتها، وعصرها، محصور بين فرساي، وبور رويال، وبين التشدد الجانسيني وأبّهة لويس الرابع عشر، كان قادراً على كتابة أبيات بهذه الصوابية والقوة عن عاطفة الحب، لا سيما من وجهة نظر الإناث. وبإيجاز، كيف استطاع رجل مثله كتابة أشياء مثل هذه. ذلك هو ما قصدته المؤلفة في هذه الرواية مع بعض الحرية وبالدقة التاريخية واعتماداً على سيرة ذاتية مكنتها من أن تروي قصة غير موجودة في أي مكان موثق، إلا في لغة ومخيال تدرك هي وحدها تضاريسهما. لم يتبقَّ من نصوص عن سيرة راسين إلا بعض الرسائل إلى ابنه، وبوالو، ولكن لا شيء من محتواها يفصح عمّا يدور من تنازع في مكنونه. ويقال إنَّ البقية تم إحراقها. من المؤكد أن هذه الرواية تمرّ على الوقائع والتواريخ ولكن هذه ليست سوى أبواب، كما هو الحال في درب متعرجة، نسقط بينها، ونبني تصورات، ثم نكتب وندفع بها من دون أن نخشى أية عقوبة.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد