يهدف هذا الكتاب إلى تحويل مقولة المجتمع المدني الساكنة والتي تثير الرضى والاسترخاء عند بعضهم، والنقمة والسخط عند بعضهم الآخر إلى مقولة تاريخية متحركة تظهر الطاقة الكامنة فيها من خلال بحث طريق تطوّرها التاريخي. وهي مفيدة في المعركة العربية من أجل الديمقراطية إذا ما تم فهمها فهماً تاريخياً، أي نقدياً، بكشف حدودها التاريخية، وبالتالي الطاقة الكامنة فيها، وضارة بقضية الديمقراطية وتحرر الإنسان العربي إذا ما تحوّلت إلى أداة لتحييدها سياسياً. فالمجتمع المدني دون سياسة، وخارج سياق المعركة من أجل الديمقراطية هو عملية إجهاض.
وفي حين يبقى في السياق الغربي كيان اجتماعي سياسي يؤطره مفهوم المجتمع المدني المعاصر، ويحوّله إلى جزء من عملية الدمقرطة التاريخية، فإنّ الوطن العربي ما زال يعطي زمام المبادرة للإصلاح من أعلى، فبقيت السلطة فيه هي مصدر الديمقراطية، لا العكس.
إن الديمقراطية العربية المتعثّرة في مرحلتها الراهنة هي في أمس الحاجة إلى مفهوم المجتمع السياسي الديمقراطي، وإلا تحوّل المجتمع المدني العربي إلى شاهد زور يبرّر الغياب عن ساحة المجتمع السياسي.
يتألف الكتاب من مقدمة وخمسة فصول هي: "في حدود المفهوم وتاريخيته" و"من اللفيتان" إلى يد السوق الخفية"، و"انفصال المجتمع المدني عن الدولة لكي يعود إليها"، و"الأمة والقومية والمجتمع المدني"، و"واقع وفكر المجتمع المدني: حوار عربي".