الهوية وجود وماهية والهوية العربية حضارة وتاريخ ومشروع كيان موحد، والعربي ليس وجوداً جامداً ولا ماهية ثابتة بل هو هوية تتشكل وترتبط بالنزعة نحو تعزيز الوحدة الثقافية العربية القائمة بوحدة اقتصادية ونوع من الوحدة السياسية وبالتالي تعد الدولة القطرية العربية حقيقة نفسية ودافعاً اقتصادياً اجتماعياً وسياسياً هدف سعي العرب لتحقيقه خلال حركات ومنازعات طويلة. فالتفكير بالوحدة العربية انطلاقاً من الدولة الفطرية يتطلب إقرار اختيارات أساسية في قضايا هي قضية الديمقراطية، وترتيب العلاقة بين العروبة والإسلام قضية ينصرف التفكير بها إلى الكيفية التي يجب أن تترتب بها هذه العلاقة في تحديد هوية سكان المنطقة الممتدة من المحيط الأطلسي غرباً إلى الخليج العربي شرقاً وبين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي، الداعي في الثقافة الأوروبية وهدف بناء (الأنا) الأوروبي وتفكيك (الآخر) العربي وتحويله إلى مجرد موضوع تلك هي المهمة التي طمح إليها الغرب محاولاً بناء ذاته على أنقاض القومية العربية وفتح باب الوحدة الأوروبية بهويتها الجديدة على جثة الوحدة العربية المتفككة والتي سعت خلال الفترة السابقة إلى تشتيت أطرافه وزرع رفض الانتماء إلى الأمة العربية أو الإسلامية، وبالتالي رفض الهوية، هذا النوع من الإقصاء للشرق من طرف الغرب، يهدف التعرف إلى ذاته وبناء هويته كأن مصحوباً بعمليات استعادة لذلك الشرق، الموضوع للغرب وانطلاقاً من هنا يواصل المفكر العربي محمد عابد الجاندي بحوثه المتعمقة في القضايا الفكرية الراهنة، بتحليل يتسم بالسلاسة وينمو إلى الترابط وفي كتابه هذا يسلط الكتاب الضوء على مسألة الهوية ويعرض لطروحات مضادة عن العروبة والإسلام وعلاقتها بالوحدة القومية وبالدولة الفطرية والوحدة العربية وقضايا المستقبل العربي.