لقد حدث تمزّق على المستويين النفسي والمعرفي في الوطن العربي، أصاب النظام السلطوي فيه فاهتزت أركانه، وأنتج لغة جديدة وعهداً جديداً من السياسات و"الثورات" بدت وكأنها لحظة ثورية من التحرر السياسي والعزم على التغيير، تتحدى الأساليب التقليدية والتفكير السائد حول المنطقة، مثل عصيانها على التغيير وقدرة الأنظمة السائدة على الإستمرار في الإمساك بالحكم، والحفاظ على الوضع القائم.
الشرق الأوسط الجديد هو واحد من أهم الكتب الشاملة التي تفحص بدقة وشمولية عن الإنتفاضات الشعبية العربية (2011- 2012)، لقد كتب الكثير من تلك الإنتفاضات منذ الأشهر الأولى لإندلاعها، وانقسمت تلك الكتابات بين نظرتين إيجابية وسلبية، فجاء قسم كبير منها متسرّعاً ما لبثت تطورات الأحداث أن أظهرت قصوره في التحليل والتفسير وتقدير المستقبل.
يحتوي هذا الكتاب على مجموعة من البحوث المعمّقة والقراءات المتأنيّة والدقيقة حول أسباب الإنتفاضات ومحركيها وتأثيراتها في الأوضاع السياسية العربية الداخلية، والإقليمية والدولية؛ فيعالج الإنتفاضات العربية كلاً على حدة بأبعادها الداخلية ووفق آليات التعبئة الشعبية الذاتية، في ظل أزمة السلطة السياسية في كل من تلك الحالات، وفشل التنمية الإقتصادية لديها وفي ظل الأنواع الجديدة من التعبئة والنشاط التي أطّرت تلك الإنتفاضات، ولا سيّما، حركات الشباب وتكنولوجيا الإتصالات، وبخاصة مواقع التواصل الإجتماعي، كما يعالجها في إطار المشهد الأوسع على المستويين الإقليمي والدولي.
إن التحليل الدقيق والتفكير المعمّق في آفاق التعبير الديمقراطي في المنطقة يوفران سمة مميزة لهذا الكتاب.