كان للتحولات الكبرى التي عصفت بالعالم منذ أواخر الثمانينيات، وما زالت، أثر كبير في إنضاج فكرة «المؤتمر القومي العربي» التي طالما راودت عدداً من المفكرين والممارسين العرب منذ ربع قرن. وكانت الأزمات والكوارث التي عانتها أمتنا العربية في تلك الحقبة قد هزت مفاهيم كثيرة، وصدّعت تنظيمات شتى، وأفقدت الجماهير العربية ثقتها بحكامها ومؤسسات النظم السياسية القائمة.

في ضوء هذه التحديات جميعاً كان من الضروري والمنطقي أن تتحسس النخبةُ العربية الملتزمة قضايا أمتها واجباتها في هذه المرحلة العصيبة، وتتلاقى للتفكير والعمل، ومن ثم الاقتراب من جوهر المشكلات المتفاقمة والمتغيرات البازغة والخروج بتقويمات وتصورات وتوصيات عملية للنهوض بالأمة من حاضرها المتعثر.

كما جرى التوافق على أن غاية المؤتمر القومي العربي هي شحذ الوعي العربي بأهداف الأمة المتمثلة بمشروعها الحضاري وهي: الوحدة، والديمقراطية، والتنمية المستقلة، والعدالة الاجتماعية، والاستقلال الوطني والقومي، والتجدد الحضاري. واليوم باتت الحاجة ملحّة أكثر من أي وقت مضى لاستنهاض التيار القومي العربي الجامع، في ظل هذه الأمواج من النزعات التفتيتية، الإثنية والطائفية والمذهبية والجهوية، التي تجتاح المجتمعات العربية وتهدد دولها بالسقوط.

يلقي هذا الكتاب الضوء على المؤتمر القومي العربي بعد مرور ربع قرن على تأسيسه، وينشر أهم النصوص المحورية التي صدرت عن المؤتمر في ربع القرن الأخير، والتي تمثل وثائق شاهدة على توجهات المؤتمر ومواقفه تجاه القضايا الكبرى التي مرت بها الأمة العربية في تلك الحقبة. يتضمن الكتاب النظام الأساسي للمؤتمر، ونظامه الداخلي، وأسماء أعضاء الأمانة العامة للمؤتمر منذ تأسيسه عام 1990، وأسماء أعضاء المؤتمر، وبيانات المؤتمر السنوية منذ تأسيسه، والبيانات الصادرة عن الأمانة العامة حول القضية الفلسطينية وحول قضايا عربية مهمة أخرى.