-
/ عربي / USD
كتب فعل لازم لأنه موضوع ذاته وإذا تعدى الى مفعول يكون للكتابة موضوعاً ويصبح فعل الكتابة فعل كتابة ما.
د. نبيل سليمان ينتقل بين الكتابتين، اللازمة والمتعدية، في كتابه الواحد "مهما قلت... لا تقل" الذي يضم ثلاثة فصول: هواجس الزمان والمكان- هواجس ثقافية - هواجس سياسية؛ مشكلة جميعها ما يبدو لي أن أسميه حرية الدائرة الدائرة لا تتجزأ إلا إذا تحولت الى نقاط كالحرية لا تتجزأ إلا إذا تحولت إلى هباء.. الزاوية وحده السجن"؟
في هدوئه الفكري يسلك المؤلف طريقين للمجيء الى دائرة أدب المعرفة. الطريق الأول هو أزمنة الحنين، إستحضار دهشة الطفل فيه، الدائم الطفولة، والمنتبه بإمعان بأن الزمن وهو يمر عليه ومعه لا يتركه حيث يتشهى أن يكون، في وحدة زمنية - طفولة - يعلم إنها اقتناص لدائرة من المعاني في مكان لا زمن له، أي في لا مكان، أو في مكان كل الأزمنة، فيسمي أخته الحقيقية في الحياة باسم أخته الحقيقية في الكتاب وهي تودع أمه، في سفرها الأخير، والتي لا يعادلها وطن لأنه لا يستطيع أن يغمره بـ "الله يا قلبي" فيبقى "مربى المشمش المجبول بالحنان..".
الطريق الثاني الذي يسلكه الى أدب المعرفة هو طريق معاقرة الفكرة في عمقها وبهائها حتى لكأنها لشدة براءتها وقطفها المختلف عن كل ما ألف من سوي، شاردة من الشوارد، وهي فكرة تختصر الفكر.
إنه يشرب خمر الفكرة في كأس من بلور العجيبة المعقول: "تقول الحكاية إن هذا الطائر كان يختفي في النهار فلا يعثر له على أثر.. وهو لا يشبه أياً من الطيور المعروفة".
وتسلك المعرفة اليه طريق حدسه عبر نص شعري - قصيدة - يبدو أنه لم يفرد نفسه لها حتى الآن ولم يستسلم لها. يأتيه الشعر فيضعه في سياق ما أتاه دون أن يضع نفسه في سياقه الكلي وقد أتاه ما أدهشه من نفسه وما توهج منها كأنه النعمة.
"ذات ليل
الصمت هدير
والرغبة ماء.
ذات ليل
الصمت موال
والدهشة رعشة دال"
وإلى دال
"السعادة
ندى على الصفصاف قبل طلوع الفجر
حركة حرباء بين الأعشاب
شم كوز صنوبر أخضر
بكاء على صدر الأم
ولا شيء غيرها.. لا شيء".
ينتهي الشعر عند حدود الكلام وعند حدوده الأخرى يبدأ.. فإذا كان الكلام حاجة الصمت فالشعر يفجّر الكلام ليصبح لغزاً تحله النفس بقراءة صمته. هكذا أقرأ شعر نبيل.. ليت الشعر يخطفه من كله فيذهب اليه ولا يرجع منه أبداً.
طلال حيدر
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد