في بدايات القرن العشرين طُويت صفحة التاريخ العثماني الطويل للبلاد العربية وبدأت تحولات جذرية في العلاقات العربية التركية. من هذه التحوّلات يستهل الكتاب فصوله. من لحظة احتضار الدولة العثمانية نتيجة ترهّل سلطتها من الداخل، والتّأثير العميق للنّفوذ الأوروبيّ في بناها...
في بدايات القرن العشرين طُويت صفحة التاريخ العثماني الطويل للبلاد العربية وبدأت تحولات جذرية في العلاقات العربية التركية.
من هذه التحوّلات يستهل الكتاب فصوله. من لحظة احتضار الدولة العثمانية نتيجة ترهّل سلطتها من الداخل، والتّأثير العميق للنّفوذ الأوروبيّ في بناها السّياسيّة والاقتصاديّة والثّقافيّة الّذي نجمت عنه حال ضعف دفعت بعض كتّاب ذلك الزّمان ودبلوماسييّه إلى وصف السّلطنة العثمانيّة بـ"الرّجل المريض".
يدخل الكتاب من البوّابة التّاريخيّة لرسم لوحة أوّليّة لا بدّ منها لفهم المحطّات السّياسيّة للعلاقات العربيّة التّركيّة. ويعود في تفسير أساس التّوتّر فيها إلى خلفيّات تاريخيّة مهمّة جدّا، كالانقلاب الاتّحاديّ على عبد الحميد، والثّورة العربيّة الكبرى التي دفعت جمال باشا إلى انتهاج سياسة ألقت بظلالها الثّقيلة على صفو الودّ المفقود بين العرب والأتراك.
ثمّ يتوقّف الكتاب عند مرحلة عداء مصطفى كمال للعرب والمسلمين وسلخ لواء الإسكندرون عام 1939، واعتراف تركيا بالكيان الصهيوني عام 1948 وانضمامها إلى الحلف الأطلسي وبروز مشكلة نهر الفرات وتدفّقه باتجاه سورية والعراق.
ويعالج المؤلف فصلاً أساسياً من فصول انعدام الثقة بين الأتراك والعرب عموماً وسورية خصوصاً، هو فصل التحالف الأمني والعسكري والاستراتيجي بين تركيا والكيان الصهيوني.
وتأتي المشكلة الكردية داخل تركيا مع حزب العمال بدءاً من عام 1984 وتوجيه تركيا الاتهامات إلى جهات عربية بدعم التمرد الكردي وتفاقُم هذه الأزمة بالتوغلات التركية المتكررة في شمال العراق بحجة مطاردة المتمردين الأكراد.
وتخلّلت معمعة التوتر هذه، صفحة خارجة عن السياق العام الغالب، هي مرحلة التطبيع بين سورية وتركيا بعد توقيع اتفاقية أضنة بين الدولتين عام 1998.
ويصل إلى القرن الحادي والعشرين، فيحلّل المسار التركيّ ــ السّوريّ خصوصاً، ومعناه الاستراتيجيّ مع وصول بشّار الأسد إلى السّلطة صيف عام 2000.
والحصيلة هي أن المؤلّف يقدّم للقرّاء جولة مرجعيّة شاملة يخرجون منها بفهم عميق وسجلّ غني جداً لعلاقة ملتبسة لم ترسُ حتى الآن على بر الأمان.