البحث في فقه الشعائر الدينية من المباحث المهمّة التي يظهر أثرها على حياة الأمّة المسلمة و صناعة مستقبلها استلهاماً من تأريخها و موازينها الحضارية و الشرعية ليس على صعيد الأفراد بل على صعيد المجتمع و الدولة، فإنّ التمسك بالشعائر الدينية و تعظيمها على صعيد الأفراد و الجماعات يعدّ من أبرز المظاهر التي تعكس عمق ارتباط الناس بدينهم و تمسّكهم بمبادئهم و استقلالهم في الفكر و الثقافة بل و المواقف السياسية. فالأمة التي لا تلتزم بدينها و لا بأفكارها تهزمها الأمم الأقوى في ذلك، و الأمة التي لا تعظّم شعائرها الدينية تفتح أبوابها للفكر الغريب و الثقافة الأجنبية عن روحها و أصالتها بما يفقدها شخصيتها و يجعلها فريسة للطامعين. و على هذا الأساس يهتمّ أهل الفكر و دعاة الإصلاح و الحضارة في كلّ أمة بالحفاظ على روح الأمة و هويتها، و يدعون إلى التمسّك بجميع المظاهر و الشعائر التي تعكس مبادئها و أفكارها و أصالتها الدينية. و على هذا الأساس أيضاً حثّ الإسلام كثيراً على الحفاظ على الرموز الدينية، و أمر الناس بتقديسها، و اعتبرها مظاهر للدين تعزّز مكانته في القلوب و في النظام السياسي و الإجتماعي، و عدّ الإعتداء عليها أو تضعيفها بداية الإنهزام و الضلالة و الخروج عن موازين الشرع، و هي من المحرّمات التي يخطرها على عموم المسلمين. و نظراً لأهمية الشعائر الدينية في الأمة قام فاضل الصفّار بتأليف هذا الكتاب و سمّاه ب (فقه شعائر الدينية)، و قد جاء الكتاب في ثلاثة أجزاء و هذا هو الجزء الأول و يحتوي فيه الباب الأول في تنقيح كبرى فقه الشعائر الدينية، و فيه المبحث التمهيدي في مبادئ البحث و ملاحظاته و مظاهره في الأديان السماوية. و فيه فصول و مباحث، الفصل الأول: فقه الشعائر شرعيته و مفهومه و شروطه، و فيه مبحثان، المبحث الأول: في الأصل الشرعي لفقه الشعائر. المبحث الثاني: في شروط الشعائر و أنواعها و أحكامها. الفصل الثاني: في الأدلة العامّة و الخاصّة لفقه الشعائر، و فيه مباحث أيضا، المبحث الأول: في الأدلة اللفظية. المبحث الثاني: في الأدلة اللبّية. المبحث الثالث: ضرورات تعظيم الشعائر الدينية. الفصل الثالث: في مواقع تعظيم الشعائر، و فيه مبحثان، المبحث الأول: في الحقائق العامّة الممهّدة للجواب. المبحث الثاني: في مناقشة موانع التعظيم.