العمران هدف أوّل للعسكر ومراقبة الأفراد والتحكّم فيهم ولا شيء سوى ذلك. وكلما تطوّر مجتمع وتحضَّر وابتكر، واكبه تطوُّرٌ في أساليب القمع والملاحقة والقتل لدى القوى العسكرية والأجهزة الأمنية، التي وسَّعت من رقعة مراقبتها ومتابعتها لأيِّ متنفَّس حضاري يظهر هنا أو هناك. في...
العمران هدف أوّل للعسكر ومراقبة الأفراد والتحكّم فيهم ولا شيء سوى ذلك. وكلما تطوّر مجتمع وتحضَّر وابتكر، واكبه تطوُّرٌ في أساليب القمع والملاحقة والقتل لدى القوى العسكرية والأجهزة الأمنية، التي وسَّعت من رقعة مراقبتها ومتابعتها لأيِّ متنفَّس حضاري يظهر هنا أو هناك. في العلن وفي السر، يعمل الأمن والعسكر على وضع المدن تحت سيطرتهما. مُسخِّرَيْن أي ساحة مناسبة لتغدو ساحة معركة في الوقت المناسب، مستخدمين في ذلك أعلى التقنيات. ولا عجب أن يتدرّب الجنود الأميركان والبريطانيون على نماذج مطابقة لأكثر منمدينة عربية وليست بريئة أبداً المشروعات المتطوّرة التي تُنفَّذ في مختلف الأنحاء، والتي تُشمل على وجه الخصوص البنى التحتية وقطاعات النقل والمواصلات والتواصل، لأنها في النهاية تُخضع الجميع لمراقبتها المباشرة، وسيطرتها المحكمة، عبر تمكّنها من اختراق مختلف النظم تكنولوجياً وإعلاميّاً. فاستراتيجية مكافحة التمرّد التي اعتمدها البنتاغون مثلاً، دليل حي على ذلك. وليس مستغرباً أن تكون لدى الجيوش وقوات الأمن الغربية والإسرائيلية نظرة إلى جميع المناطق العمرانية على أنها ساحات صراع محتملة. ستيفن غراهام في كتابه مدن تحت الحصار يُسلِّط الضوء على كل ذلك، مؤكداً أن الأقوياء، ولاسيما الجمهوريين الأميركيين يكرهون المُدُن فهي مجرّد أماكن يكثر فيها الليبراليون الذين لا يصوّتون لهم باختصار، يظهر غراهام كيف تحوّلت الجيوش الغربية إلى قوى مكافحة تمرّد مزوّدة بأعلى التقنيات، هدفها الأساسي السيطرة وتطبيق العنف السياسي.
"كتاب رائع، يبني فيه غراهام على كتابات مايك ديفس ونعومي كلاين اللذين حاولا كشف الهيكليات المؤسساتية والعسكرية المتوارية". إدوين هيثكوت - فاينانشيال تايمز.
"يكتب ستيفن غراهام بصراحة ووضوح، مكرِّساً التفاصيل والصور ليبيّن حقائق التنظيم المدني في جميع أنحاء العالم. هو لا يتحدث عن المستقبل المأساوي بل يعالج الحاضر، وغراهام يفتح أعيننا لنرى أخطار التنظيم المدني العسكري على الديموقراطية المعاصرة". ديريك غريغوري، مؤلف، وأستاذ الجغرافيا في جامعة كولومبيا البريطانية.