-
/ عربي / USD
لعل إعادة نشر كتاب "أديب" لعميد الأدب العربي طه حسين بمثابة إعادة اعتبار لدوره الرائد في المشهد الثقافي العربي، وطرح سؤال الكتابة من جديد، ودورها في حياة المجتمع والفرد، وبخاصة أن "أديب" هو صورة واضحة صريحة لطه حسين نفسه في فترة معينة من فترات حياته، يفصح فيه عن نفسه دون خوف أو تردد ومن دون أن يمارس وصاية على القارىء.
في الكتاب، يصور لنا طه حسين شطراً من حياة شخصين، كلاهما ينحدر من أقاصي الصعيد المصري، جاء إلى القاهرة ليلتحقا بالأزهر الشريف، ثم بالجامعة المصرية، وبعد فترة سيحظى أحدهما بفرصة السفر إلى فرنسا ليواصل تعليمه هناك، وعند وصوله إلى فرنسا ينغمس منذ الوهلة الأولى في الحياة الجديدة، وهي حياة قوامها اللهو، والمرح، والمجون، حيث يلتقي عند وصوله إلى مرسيليا بفتاة تعمل في الفندق الذي أقام فيه، يتعلق بها، وينسى زوجته "حميدة"، يشرب النبيذ المعتق، والجعّة الجيدة، ويسكر حتى الثمالة، برفقة فتاته "فرنند"، بعد أن نسي مجتمعه القائم على الحشمة والوقار والنهي عن الفحشاء والمنكر، وفي هذه الأثناء لا يتوانى عن مراسلة صديقه الذي ظل في القاهرة يخبره أحواله وتغيّر نمط حياته، "يكفي أن تعلم أن صديقك الذي كان جاداً كل الجد، منصرفاً كل الإنصراف إلى الدرس قد قطع الأسباب كلها بينه وبين الدرس، ووصل الأسباب بينه وبين (...) حياة المساء في باريس المضطربة، فمن يدري عمّ يسفر لنا الصباح؟" ... وما هي إلا بضع سنوات حتى يصاب صاحبنا بالجنون، وأمسى يتخيل أوهاماً غريبة بعد أن يصبح طريح فراش المرض، وبعد أن أصبح لا أمل بتاتاً في علاجه، انعزل في غرفة مظلمة، وإذ يكتشف صديقه أن هذه الغرفة تحتوي على كتب كثيرة، ولما اطلع عليها إذا به يقف على أدب حزين، رائع، وصريح لا عهد للغتنا بمثله فيما يكتبه أدباء جيله الشباب، ومن ثمّ هم بنشره، ومن بينه هذا الكتاب.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد