معجونةٌ لغة إبراهيم الكُوني وحدوسه الفكرية بالموسيقى. ففكرته تتفتح بوحي إيقاع غامض ينبع من خفايا الوجود، وكلماته تتدفق بلحون شجية كأنها جداول عذبة تروي النفس، ويشف من خلالها ضياء الحقيقة. لكأن الكُوني يستلهم ألحانه اللغوية البديعة من الطبيعة التي أنصت لها طويلاً، وتأملها عميقاً، وتوحد بها حتى أفضت له بأسرارها، فباح بأنوارها للوجود.

ومثلما سكنته الصحراء منذ الطفولة، ولا تزال توحي له بأعماله الإبداعية المتتالية ليقول كلمتها، وتتجلى حقيقتها الروحية للعالم من خلال إبداعه، يأبى إبراهيم الكُوني إلا أن يكون وفياً أيضاً لطبيعة جبال الألب السويسرية الساحرة التي ألهمته الكثير بجمالها وحكمتها، ومنحته الكثير من بوحها الشعري الرهيف. في معزوفة الأوتار المزمومة يستعير الكُوني من طبيعة جبال الألب الخلابة أوتاراً موسيقية ملونة ليفضي بأسرار الحكمة والجمال التي أوحت له بها هذه الطبيعة الفاتنة التي احتضنت غربته، وسامرت روحه، واستصحبته واستصحبها في صداقة عميقة شهدت ولادة الكثير من إبداعاته الأدبية.

في هذه المعزوفة تتنوع ألحان الأوتار الموسيقية بين شذرات الحكمة المتأملة في حقائق الوجود الإنساني، وبين سرديات يومية أرادها الكُوني أن تتماهى مع روح الشعر، والتأمل، والحكمة، والإبداع.