هنا باريس، وسيرورة الحياة فيها؛ حيث الثقافة وجود، والمرأة حرية شرسة بقدمَيْن، والعلاقات صفقة مؤجّلة، والذات تتشظّى، والصداقة تجربة مستمرة على تحمّل عبء الغفران، والعربي ذاكرة هشّة في مواجهة واقع مُدوٍّ، والوطن مجاز لا أقرب ولا أبعد، والسياسة نرد بيد تجّار أسلحة،...
هنا باريس، وسيرورة الحياة فيها؛ حيث الثقافة وجود، والمرأة حرية شرسة بقدمَيْن، والعلاقات صفقة مؤجّلة، والذات تتشظّى، والصداقة تجربة مستمرة على تحمّل عبء الغفران، والعربي ذاكرة هشّة في مواجهة واقع مُدوٍّ، والوطن مجاز لا أقرب ولا أبعد، والسياسة نرد بيد تجّار أسلحة، والمقاهي زمن إضافي بنكهة ملح العالم، والزمن دائماً عند نقطة الصفر، بينما الشوارع كلّها هرولة. هنا يحيى امقاسم.. ونتذكر أنّ «بورخيس» في الخمسين من عمره سيُقلّد كاتباً شاباً يُدعى «كيبلنغ»، وقبله سيُقلّد «بودلير» ديوان «جاسبار الليل» لـ«ألوزيوس بيرتيران». في هذا العمل يحيى امقاسم؛ كأنّه يسأل لِمَ لا أُقلّد «ابن عطاء»؛ العَالِم العربي، في تجنّبه لكلّ كلمة تحتوي حرف الراء، لأنّه ألثغ. ولأنّ لسانه لا يحوّل حرف الراء إلى حرف الغين سيبحث عن اللثغ فيما وراء الفردي، في الجماعي، وسيجد أنّ لثغنا هو السلف من الزمن وهو جُمَل الوصل في كلامنا. عندئذ سيُفكّر في محو الماضي لكثرة تحكّمه في حاضرنا، وطمس الصلات لوطأتها في تعبيرنا. في هذا العمل يُريد لنا أن نعيش (الآن) والمستقبل معاً، عبر (مدينة العالم) كما يُسمّيها. يأخذنا إلى ميلاد اللحظة ونتوقف معه هناك. يشتغل على المشاهدات غير الصائبة، فلربما يصمت التاريخ عن جنايته ولو لمرة. لا نتحرك، فهو يبحث لنا عن مكان مُغاير بلغة تستجدي الوقت القائم وما يأتي.