صار تقديم الإسلام باعتباره دينًا مقاومًا للحداثة أمرًا مألوفًا لدى بعض دارسي الأديان الذين يقدّمون تحليلات سريعة ليعثروا فيها على أسباب الجمود العقلي والثقافي العضال الذي يؤثر، بحسبهم، على العالم الإسلامي. وبحسب المعلومات التي يقدمها هؤلاء على طريقتهم، تصبح الأصولية...
صار تقديم الإسلام باعتباره دينًا مقاومًا للحداثة أمرًا مألوفًا لدى بعض دارسي الأديان الذين يقدّمون تحليلات سريعة ليعثروا فيها على أسباب الجمود العقلي والثقافي العضال الذي يؤثر، بحسبهم، على العالم الإسلامي. وبحسب المعلومات التي يقدمها هؤلاء على طريقتهم، تصبح الأصولية الإسلامية هي التعبير عن التعارض الجوهري بين الإسلام والغرب.
تأتي هذه الدراسة لتكشف الطبيعة السطحية لمثل تلك التحليلات المتشائمة والعدائية، وتطمح إلى تقديم فهم مختلف للعالم وتطوره. لن يحدث "صدام حضارات"، على العكس، تفترض الدراسة المتعمّقة للمؤشرات الاجتماعية والتاريخية فكرة "لقاء الحضارات".
يحشد المؤلفان لأجل إثبات ذلك أدوات التحليل الديموغرافي. ولا يكشف هذا التحليل في الواقع عن تباين النماذج بل يكشف عن تقارب كبير جدًا في ما بينها. ويظهر أن العالم الإسلامي دخل مرحلة الثورة الديموغرافية والثقافية والفكرية التي أدت سابقًا إلى تطور البلاد التي تعدّ اليوم أكثر المناطق تقدمًا في العالم، وهو يتوجه على طريقته ناحية نقطة يلتقي فيها بتاريخ كلي وأكثر شمولًا.
تأخر العالم الإسلامي التكنولوجي وعنفه الحالي واقع لا يمكن دحضه، ولكن الغرب ليس بعيدا عن المساهمة في هذه الفوضى واستغلالها. ويمكن فهم التناقضات التي نشاهد حدوثها اليوم في العالم الإسلامي، باعتبارها أعراضًا كلاسيكية لحالة من الارتباك تصاحب المراحل الانتقالية.
يقود تحليل عملية التحول الديموغرافي الذي يحدث اليوم في العالم الإسلامي، كما نراه، إلى فهم مختلف للفوضى الحالية، ولهذا السبب تزداد أهمية مثل هذا التحليل.