إنها حكايات الذاكرة. أعود إليها رفضًا لتلك المعارك التي نعيشها، الباعثة على احتراق أدمغتنا في غبارها الكثيف. الذاكرة من أجل ان لا نتحوّل إلى كلاب مطيعة، لا تدرك عن غربتها شيئا، وتكون الحياة عندها عبودية فطرية. الذاكرة لأقول إنه كانت لنا حكاية أخرى، ولسنا قادمين من العدم.....
إنها حكايات الذاكرة. أعود إليها رفضًا لتلك المعارك التي نعيشها، الباعثة على احتراق أدمغتنا في غبارها الكثيف. الذاكرة من أجل ان لا نتحوّل إلى كلاب مطيعة، لا تدرك عن غربتها شيئا، وتكون الحياة عندها عبودية فطرية. الذاكرة لأقول إنه كانت لنا حكاية أخرى، ولسنا قادمين من العدم.. وقد استنجدت بالمخيلة لأني أرغب بأن يكون هذا الكتاب جذّاباً، ممتعاً، بعد أن يكون درباً من دروب ذاكرتنا. وخلف هذه الرغبات كلها، بحث عن مكامن الجمال. الجمال أقوى دوافعي. هو الكيمياء التي غذّت مخيّلتي. ففي حكاياتي هذه، يخطف الشغف كل الجمال. جمال النداوة، جمال الرفاق والرفيقات، وهم في هذا العمر، في بداية خروجهم من المراهقة، وعلى هذه الدرجة من البراءة، من الصدق، من البذل والمجانية، في غياب أي رادع للانغماس في العمل المسمى "ثورياً".
سحرنا مناخ تلك الأزمنة؛ تنشّقنا من هوائه ذلك الجموح المنفلت. ما كان يمكن، خلال هذه السنوات الثلاث، أن ندرك معنى المستقبل من دون أن نراه مبتسماً لنا، كما كنا مبتسمين دائمًا. من المناخ نفسه اقتبسنا كل هذا الضحك، لنعجنه بعمرنا، وحريتنا. حرية مثل الرياح العاتية، تجرّنا، ونحن نطير، بأجنحة خفيفة، فرحة، إلى حيث تريد، حيث النضال من أجل القضايا العادلة، وحتى الموت من أجلها.