أسير في سرير السيل، الذي لفظت مياهه الهوجاء حجارة وأغصاناً ميتة، بتوالي العواصف. يتصاعد الغبار من تحت قدميّ، ويكنُفني بسحابة رمادية ويصيبني بالاختناق. عقدت منديلاً حول وجهي، ومسدت جفنيَّ. الغبار ينفذ إلى ثيابي وحذائي. لا تزال في قرارة الوادي قطع من ظلام عالقة بالحيطان....
أسير في سرير السيل، الذي لفظت مياهه الهوجاء حجارة وأغصاناً ميتة، بتوالي العواصف. يتصاعد الغبار من تحت قدميّ، ويكنُفني بسحابة رمادية ويصيبني بالاختناق. عقدت منديلاً حول وجهي، ومسدت جفنيَّ. الغبار ينفذ إلى ثيابي وحذائي. لا تزال في قرارة الوادي قطع من ظلام عالقة بالحيطان. الشِّعب شديد الضيق، حتى لأحس لصق كتفي الجرف بارداً، بلون الأمعاء. هل يكون ذلك ما شعر به الرحالة، عندما كان يسير في جوف هذا الشِّعب، وهو يخفي وجهه بطرف عمامته؟ كان المرشد يمشي قدامه، مسرعاً، وهو يتعثر بالحجارة فتتقوض، وقد حمل فوق كتفيه العنزة موثقة القوائم. ولاشك أن قد خامره، مثلي، شعور أنه ينزل نحو مركز الأرض، نحو سر أصلها، جوفها الأحمر؛ حيث يسود الموت.